من مختبرات بكين إلى خزائن بيروت والعالم: هل يهدد “الذهب الصيني” احتياطي لبنان؟

تتجه الأنظار إلى “الذهب الصيني” كأحدث الابتكارات التكنولوجية التي قد تغير معادلة سوق الذهب العالمي. ابتكار بكين لنوع جديد من الذهب يأتي في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الذهب، متخطيًا حاجز الأربعة آلاف دولار للأونصة. فهل يُعتبر هذا الذهب الصيني تهديدًا حقيقيًا للذهب التقليدي، وهل سيكون له تأثير على احتياطي لبنان من الذهب؟

ماهية الذهب الصيني الجديد

الذهب الصيني هو نوع مبتكر من الذهب لا يُستخرج من المناجم، بل يُصنّع داخل مختبرات متطورة. يتمتع هذا الذهب بخصائص مميزة، حيث يُعد ذهبًا عيار 24 قيراطًا (نقاء 99.9%)، تم تعديل بنيته الذرية بإضافة كميات ضئيلة من معادن نادرة مثل الإنديوم والزنك. هذا يجعل الذهب أكثر متانة، بحيث يصبح أربعة أضعاف صلابة الذهب التقليدي، وبالتالي يكون أكثر مقاومة للخدش. بالإضافة إلى ذلك، يساعد هذا الابتكار في إنتاج مجوهرات ذات تصميمات معقدة وأخف وزنًا، وأقل سعرًا بنسبة تتراوح بين 10-20%.

التأثير على سعر الذهب التقليدي

رغم أن الابتكار الصيني يقدم الذهب بأسعار أقل، الدكتور عماد عكوش الخبير الاقتصادي يعتقد أن هذا النوع من الذهب لن يؤثر بشكل كبير على أسعار الذهب التقليدي في المدى المنظور. والسبب في ذلك هو أن الذهب الصيني مُوجّه أساسًا لسوق المجوهرات وليس للاستثمار أو الاحتياطي، حيث أنه لا يُعد بديلاً للذهب التقليدي في البورصات العالمية أو في خزائن البنوك المركزية. بل، من المتوقع أن الذهب الصيني قد يُسهم في جذب فئات جديدة من المستهلكين، خصوصًا الشباب الذين يعزفون عن شراء الذهب التقليدي بسبب أسعاره المرتفعة.

لا مكان للذهب الصيني في المصارف المركزية

البنوك المركزية في العالم تواصل شراء الذهب التقليدي باعتباره أصلًا آمنًا لتحوط ضد التضخم وتقلبات العملات. وفقًا لـ عكوش، فإن الذهب الصيني لن يؤثر على اتجاهات البنوك المركزية التي تشتري الذهب كأداة استثمارية استراتيجيّة. فعلى الرغم من ابتكار الصين هذا الذهب، إلا أن البنك المركزي الصيني نفسه لا يزال يواصل زيادة احتياطياته من الذهب التقليدي.

الذهب الصيني والسوق اللبناني واحتياط مصرف لبنان

على الرغم من أن الذهب الصيني يملك تكلفة أقل مقارنة بالذهب التقليدي، لم يجد مكانًا له بعد في محال الصاغة اللبنانية. يعتقد عكوش أن تأثيره المحتمل قد يقتصر على تجارة المجوهرات في لبنان، حيث قد يُشكّل الذهب الصيني خيارًا جذابًا للبنانيين الذين يبحثون عن ذهب أقل تكلفة. ومع ذلك، لا يُتوقع أن يؤثر على احتياط الذهب في مصرف لبنان، حيث تُظهر البيانات أن الاحتياطات في المصرف المركزي هي سبائك صافية، تحافظ على قيمتها المرتفعة كأصل استراتيجي.

خلاصة:

الذهب الصيني لا يُتوقع أن يهدد الذهب التقليدي في المدى القريب، إذ يظل الذهب التقليدي هو الأصل الأكثر أمانًا في عالم تسوده الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية. ومع ذلك، فإن الابتكار الصيني يشير إلى تحول استراتيجي في كيفية استخدام التكنولوجيا لخدمة الاقتصاد، ويعكس مسعى بكين لتعزيز نفوذها عبر أدوات علمية وصناعية، بدلًا من الوسائل المالية التقليدية. في المستقبل، قد يظهر تأثير الذهب الصيني بشكل تدريجي في قطاع المجوهرات والاستهلاك، ولكن يبقى الذهب التقليدي هو الأداة الأكثر ثباتًا في الأسواق العالمية.

المصدر: نوال الأشقر – لبنان 24