oil
oil

حكاية “غالون” الزّيت: وصفة الاشتباك…

ما كان أحد ليتوقّع أن تتصدّر “حكاية إبريق الزيت” بنسخة معدّلة معالم الانهيار الاقتصادي في لبنان. فالحكاية الأصلية ترتبط بطرفة أو أحجية تقوم على مناكفة الجدّات لأحفادهم الذين يستعصي عليهم النوم ليحملنهم على الاستسلام له، وغدت فيما بعد مثلاً يدلّ على التململ وتضييع الوقت لتعجيز شخص… وهي الحكاية التي لا تروى، بل تبقى في دوّامة التقديم لها، حتى الضجر.

حكاية انهيار لبنان تشبه الحكاية الأصلية. إذ يعتمد المسؤولون فيه أسلوب المناكفة واستهلاك الوقت لتعجيز اللبنانيّين وتيئيسهم. لكنّ المفارقة أنّ حكاية الزيت، وتحديداً غالونات الزيت المدعوم، تصدّرت “حكاية إبريق الزيت” اللبنانية، حين تحوّل الزيت إلى مادة للصراع بين اللبنانيّين في طوابير أمام وداخل السوبرماركت، للحصول على حصّة منه بسعر مدعوم. وكشفت حكاية اللبنانيين مع الزيت أهمّيّة هذه السلعة التي ما كان أحد ليظن أنّها ستتصدّر السلع التي يخشى اللبنانيون انقطاعها من الأسواق، أو يخشون ارتفاع أسعارها، إلى درجة يصبح معها صعباً الحصول عليها، بعدما خسر معظمهم قيمة أجورهم بسبب انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.

الزيت إذاً، وليس الخبز، هو الذي تصدّر المشهد. وكل الإشكالات والتدافع والهجمات على المخازن، حدثت بسبب الزيت، ولم يجرِ الحديث عن أيّ سلعة ثانية في خضمّ الصراع على الزيت المدعوم. والزيت الذي نتحدّث عنه، هو زيت القلي. وغالباً يكون مستخرجاً إمّا من الذرة وإمّا من زهرة دوّار الشمس. وهو يستخدم غالباً في الطبخ، وخصوصاً في إعداد “المقالي” من بطاطا وقرنبيط وكوسا وباذنجان وسواها. فضلاً عن استخدامه في معظم الطبخات: في “اليخاني” والأرز. وهو يشكّل مادة أساسية للاستخدام في مطبخ الوجبات السريعة، إن في المطاعم وإن في البيوت. وهو “يخدم” أكثر من مرّة، إذ يمكن أن تُقلى به البطاطا، مثلاً، مرّات ومرّات، ويكون حلاً سهلاً وسريعاً تلجأ إليه الأمّهات لإعداد وجبات دسمة وسريعة يحبّها الأطفال وقادرة على إشباعهم، وأحياناً على إسكات جوعهم بملء بطونهم بالبطاطا والزيت.

طبعاً يستورد لبنان هذا الزيت بكمّيّات كبيرة، وتدعم الدولة الزيت باعتباره سلعةً أساسية. وبدأ الإقبال يزداد عليه لتخزينه مع الحديث عن رفع الدعم، خصوصاً مع ظهور زيوت غير مدعومة في السوق وصلت أسعارها إلى أرقام خياليّة. وبات اللبنانيّون مع الارتفاع الجنونيّ في الأسعار يُعرضون عن شراء ماركات لزيوت القلي شاعت واشتهرت، حتى إنها حضرت في أوائل الألفيّة الجديدة في أغنية شهيرة لزياد الرحباني (ولّعت كتير- 2001): “ما في لوسيور ولا جايب مازولا”. وهذان الصنفان بدآ يصيران نادرين على رفوف السوبرماركت بسبب تراجع استيرادهما لعدم شمولهما بالدعم الذي رُفع عن أنواع كثيرة من الزيوت وبات يقتصر على بعض الأصناف ذات النوعية “الرديئة” مقارنة مع الماركات العالمية، أو قُل: الأقلّ جودةً.

هذه الأصناف تحتوي على نسب عالية من الكوليسترول وتخضع لدرجة عالية من الهدرجة تجعلها غير صحّيّة. طبعاً ينصح خبراء التغذية بعدم تناول الزيوت المخصّصة للقلْي، واستخدام الزيوت نيئة كما هي الحال مع زيت الزيتون الذي ينتجه لبنان. لكنّ أسعاره باتت مرتفعة جداً، وبات يُسعّر في السوق اللبنانية بالدولار. فوصل سعر تنكة (20 ليتر) زيت الزيتون إلى ما يقارب خمسين دولاراً أميركيّاً بحسب تسعيرة السوق السوداء للدولار، أي ما يقارب الحدّ الأدنى للأجور، قريباً من 675 ألف ليرة. وهو ما يضطر اللبنانيّين إلى استبدال زيت الزيتون بزيوت نباتية أخرى لاستخدامه في معظم أصناف الطبخ اللبناني. وسيصير الأكل “الصحّي” ترفاً لا تقدر عليه إلا قلّة قليلة.
جمعية حماية المستهلك سجّلت، كما يقول رئيسها زهير برّو، عمليات غشّ كبيرة تطول الزيوت، ولا ينجو منها زيت الزيتون. ولم يُفاجأ برّو بمشاهد تدافع اللبنانيين للحصول على الزيت، لأنها مادّة أساسية، و”نضعها في الجمعية على رأس السلع التي تحتاج إليها العائلات”. فهي تُستخدم، بحسب برو، في جميع مأكولات المطبخ اللبناني التقليدي، من اليخنات إلى السَلَطات والفتّوش والتبّولة، ويُخلَط بالصعتر (الزعتر) ويُستخدَم في إعداد المناقيش. وكلّها أصناف يعتمد عليها الأكل اللبناني اليوميّ البسيط، الذي كان في ما مضى متوافراً و”رخيصاً” بسبب الدعم، وبات يتجاوز القدرة الشرائية لمعظم اللبنانيين بعد انهيار عملتهم واضطرار الحكومة إلى رفع الدعم تدريجيّاً عن كثير من السلع، وربما عنها كلّها، عاجلاً أو آجلاً.

كانت “حكاية إبريق الزيت” الأصلية تتحدّث عن زيت الزيتون. وكان الهدف منها، كما ذكرنا، التعجيز وإضاعة الوقت لتنويم من يستمعون إلى الحكاية. الحكاية المستجدّة تتحدّث عن زيت القلي، وهي تعكس مستوى العجز وإضاعة الوقت الذي وصلت إليه السلطة في لبنان. ومعظم الناس، من دون أن يسمعوا الحكاية: نائمون.

وإذا فُقد الزيت من الأسواق، فانتبهوا!

رامي الامين – اساس ميديا

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تعميم 1000 دولار يدخل حيز التنفيذ: الصيارفة يواجهون تحديات تطبيق “اعرف عميلك” وتحديث البرامج

مقدمة: تطبيق تعميم مصرف لبنان على المؤسسات المالية غير المصرفية دخل تعميم مصرف لبنان (BdL) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *