16 745x470 1
16 745x470 1

ماذا في اليوم التالي بعد الخراب؟

كتب طوني عيسى في “الجمهورية “:

وأما الآن، فقد وقعت البقرة كما كان متوقعاً. ومن الواضح أنّ السلّاخين لم ينتظروا وقوعَها ليباشروا عملية السلخ، بل إنّهم أساساً بذلوا كل جهدٍ ودفعوا بالبقرة لتقع، بعدما شحذوا السكاكين. ولكن، بعد اليوم، ستكون المسألة المطروحة، كما يحصل طبيعياً للفريسة في الغاب، ووفق شريعة الغاب: مَن سيكون الأكثر براعةً في عملية السلخ، وهل سيسمح الأقوياء بشراكةِ الآخرين فيها أم سيقاتلون ليحتكروا كل شيء؟ وتالياً، لمَن ستكون الحصص من البقرة المفكَّكة: للسلاخين فقط أم لآخرين أيضاً سيظهرون فجأة أمام الوليمة، وهم اليوم في وضعية الانتظار والتفرُّج؟ وفي الخلاصة: هل سيندلع القتال لتقاسم البقرة؟

يوحي كلام المعنيين بكثير من الهلع، في الأيام الأخيرة، وكذلك سلوكهم. ففي طياتِ الإطلالة الأخيرة للأمين العام لـ»حزب الله»، السيد حسن نصرالله، يظهر الكثير ممّا لم يُرِد قوله صراحةً. وكذلك، توحي تحركات الطواقم الديبلوماسية في بيروت بكثير من القلق على مسار البلد.

 

حتى التوقف الفجائي القسري للمناكفات الساذجة بين الثلاثي عون، باسيل- بري- الحريري حول الملف الحكومي، يُشغل البال. فالواضح أنّ أركان اللعبة يلتزمون الصمت اليوم، لا تحسُّساً بالمسؤولية كما كان يُفترض أن يفعلوا منذ شهور وسنوات، بل تهيُّباً وترقّباً للآتي الأعظم.

 

والعلامة الأكثر تعبيراً عن القلق تَظهر عند «رئيسَيْ الحكومة»، المصرِّف للأعمال والمكلَّف. فالرئيس سعد الحريري، أخيراً، وجد نفسه مضطراً إلى أن يتخذ قراراً، إما بالاستمرار في المراوحة مهما كلّف الأمر، وإما بوقف اللعبة والانسحاب مهما كلّف الأمر.

 

في الترجمة، بات على الحريري أن يغادر المنطقة الرمادية ويختار بوضوح ما سيفعله، وبملء إرادته لا بحكم ردّات الفعل والأمر الواقع. فإما أن يرمي بتشكيلته المفضّلة على طاولة القصر ويخرج من المعادلة أياً كانت الأثمان، ويتحمّل تبعات قراره، عليه شخصياً في الدرجة الأولى، وإما أن يقول: «أنا المكلَّف الوحيد، ولن أتزحزح من مكاني، ولو تمادى الخراب إلى ما لا نهاية، وأنا أتحمّل تبعات قراري».

 

وأما رئيس حكومة التصريف حسان دياب، فقد خرج عن تحفّظه كما لم يفعل في أي يوم مضى، وبشَّر بأنّ البلد على مسافة «أيام قليلة من الانفجار الاجتماعي»، وأنّه مُعرَّض لـ»الزوال» و»عندما يحصل الارتطام، لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان». وللتبرّؤ من المسؤولية، ذكَّر دياب بأنّ حكومته وضعت خطة إنقاذ «وهي جاهزة لتحديثها».

 

طبعاً، هو يدرك أنّ الوقت فات على تنفيذ أي خطة، وأنّ الباب مفتوح في اتجاه واحد هو الانهيار، وأنّ غسل الأيدي لم يعد ينفع لا للحاضر ولا للتاريخ. لكن دياب مضطر، كسواه، إلى رمي الكرة خارج ملعبه، لأنّ الآتي أكبر من القدرة على التصوُّر، ولأنّ مستوى الاحتقان لن يقود إلى انفجار اجتماعي كبير فحسب، بل أيضاً إلى انفجار أمني خطِر.

 

للتذكير، وبعيداً من الذلّ في مشهد الطوابير، إنّ عمق أزمة البنزين الفعلية لا يكمن في انقطاعه، بل في عجز الناس عن دفع 200 ألف ليرة ثمناً للصفيحة عندما سيصبح متوافراً. والناس الذين يعانون اليوم من فقدان الأدوية التي يحتاجون إليها لضمان حياتهم، سيكتشفون لاحقاً أنّهم عاجزون عن شرائها ولو وُجدت. وأما اللحوم والأجبان والخبز وسائر المواد الحيوية، فقد تحولت مواد ثمينة جداً للفقراء ومتوسطي الحال.

 

وسيزداد الاحتقان عندما يبدأ موت الناس على أبواب المستشفيات، لأنّ شركات التأمين لن تتكفل بهم، فيما سياراتهم وسائر آلياتهم ستصبح «خردة»، يوماً بعد يوم، بسبب عجزهم عن صيانتها. وأما الراتب فقد انقطع تماماً أو أكله الدولار بالكامل.

 

في هذه الحال، ما السيناريو المتوقع؟

 

واقعياً، في المناطق التي يتحرّك فيها «حزب الله»، سيكون وقع الكارثة مقبولاً على الذين يحصلون على التغطية. وهؤلاء يرتبطون اليوم بمؤسسات تابعة لـ»الحزب» تتولّى رعاية أوضاعهم ضمن حدود معينة، عدا عن أنّ البيئة اللصيقة يصل إليها الدولار النقدي بمقدار يكفي للحدّ من الوجع. فهل يكون هذا النموذج مرشحاً للتكرار في مناطق أخرى، عن طريق مرجعيات دينية أو حزبية أو اجتماعية؟

 

في نماذج الفلتان والجوع والفوضى، في أماكن أخرى من العالم، سادت شريعة الغاب، حيث القوي أكل الضعيف. واضطر الناس إلى الدفاع عن أنفسهم في مواجهة أعمال السلب والنهب، واحتكموا إلى «قبضايات الزواريب» في نزاعاتهم. وإذا طال الوقت، تنشأ مرجعيات وزعامات في الزواريب والأحياء والمدن والمناطق، تأخذ على عاتقها «حماية» الناس وتوفير «الإعاشة» لهم.

 

في لبنان، إذا نشأت هذه الوضعية، تنشأ مرجعيات وزعامات مناطقية وطائفية ومذهبية. وقد تتصارع في ما بينها، داخل كل منطقة وفئة أو بين المناطق والفئات. وهذا ما جرى خلال الحرب الأهلية التي بدأت في العام 1975 واستمرت رسمياً حتى العام 1990، لكنها مستمرة حتى اليوم بدرجات مختلفة وأشكال أخرى.

 

هذا هو جوهر أزمة الانهيار التي ستبلغ مداها قريباً. واليوم، إذ استسلم الجميع للأمر الواقع أو سلَّموا البلد له، سيكون مبرّراً طرح السؤال: إذا كان يوم غدٍ هو يوم الارتطام والانهيارات والاهتراء، فماذا عن اليوم التالي؟ وأي تحدّيات سيحملها، وأي دولة لأي بلد؟

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تعميم 1000 دولار يدخل حيز التنفيذ: الصيارفة يواجهون تحديات تطبيق “اعرف عميلك” وتحديث البرامج

مقدمة: تطبيق تعميم مصرف لبنان على المؤسسات المالية غير المصرفية دخل تعميم مصرف لبنان (BdL) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *