“الإتّصالات” تتمسّك بنتائج تلزيم البريد… وتعترض لدى “الديوان”

“الإتّصالات” تتمسّك بنتائج تلزيم البريد… وتعترض لدى “الديوان”

بعد أيام على إصدار ديوان المحاسبة تقريره الذي رفض على أساسه نتيجة المزايدة الأخيرة لتلزيم قطاع الخدمات البريدية، تقدّم وزير الإتصالات في الأسبوع الماضي بطلب «إعادة نظر» في القرار أمام الغرفة الناظرة فيه والتي يرأسها القاضي عبد الرضى ناصر. إستخدام الحق الذي تمنحه المادة 43 من تنظيم قانون ديوان المحاسبة للإدارة المختصة، يضع وزير الإتصالات في موقع المصرّ على تلزيم تشغيل هذا القطاع لتحالف شركتي COLIS PRIVE FRANCE وMERIT INVEST S.A.L، على الرغم من رفض الهيئات الرقابية المتكرّر العرض الوحيد المقدّم، مرّة من قبل هيئة الشراء العام ومرة أخرى من قبل ديوان المحاسبة.

لا معطيات واضحة حتى الآن حول المبرّرات التي تضمّنها طلب وزارة الإتصالات- مديرية البريد بإعادة النظر. إلا أنّ المعلومات تشير إلى أنّ الغرفة الناظرة في ديوان المحاسبة تسلّمت الطلب، وهي تستعدّ لقراءة متأنية لما سيتضمّنه، ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولكن بشرط أن يكون مضمون الاعتراض «جدياً، وواقعياً، ونظامياً، وقانونياً».

إنما الأهمّ وفقاً لمصادر مطّلعة أن يكون من أعدّ الاعتراض، قد قرأ بتأنٍ مضمون قرار ديوان المحاسبة، وبشكل أفضل من مراجعته دفتر شروط المزايدة وتعديلاته الذي أطلقته وزارة الإتصالات رغم «الأخطاء والمغالطات»، التي لفت إليها الديوان في تقريره الأخير.

والمعطيات التي بنى على أساسها الديوان عدم قبول نتائج المزايدة، لا يمكن أن تسمح بأقلّ من إجابات «علمية» للعودة عن قراره. إذ إن تقرير الغرفة الناظرة في هذا الملف أظهر تحقّقها من كامل المسار الذي سلكته محاولات التلزيم، بدءاً من إطلاق دفتر الشروط الأوّل للمزايدة، وانتهاءً بكشف مجمل «العيوب» التي شابت محاولة التلزيم الأخيرة، وتعديلات دفتر شروطه التي اعتبر الديوان أنها فصّلت على قياس تحالف COLIS PRIVE FRANCE و»ميريت إنفست» اللبنانية، خصوصاً عندما عدّلت الجهة الشارية في موضوع المزايدة ومؤهلات المتقدّمين إليها.

دفاتر غير مراعيةٍ معاييرَ الدقة

إذ سمحت لأصحاب «تراخيص نقل مواد المراسلات و/أو الطرود و/أو الطرود البريدية و/أو الرزم الصغيرة» المشاركة فيها، وذلك بدلاً من حصرها «بأصحاب الخبرة في تقديم وتشغيل الخدمات والمنتجات البريدية والخدمة الشمولية، وإدارة المرفق على صعيد بلد أو مقاطعة» كما ورد في دفتر الشروط السابق. هذا مع العلم أنّ «الديوان» أشار إلى أنّ «دفاتر الشروط الثلاثة التي وضعت غير مراعية معايير الدقة، الشفافية، الموضوعية، الوضوح، وعدم التعقيد والثبات»، وهذا ما يلزم وزارة الاتصالات تقديم إجابات شافية لمجمل الأسئلة التي أثارها في تقريره.

لم يكتفِ تقرير ديوان المحاسبة في المقابل بالتذكير بالأسس التي بنت على أساسها هيئة الشراء العام قرارها بإلغاء نتائج المزايدة السابقة (أي الثانية)، ولا سيّما لجهة عدم تمتّع التحالف بالمؤهّلات المطلوبة وإضرار عرضه بالمال العام، بل أورد معطيات جديدة تكشف إصرار وزارة البريد على إنهاء الصفقة حينها. فهي لم تخالف قانون الشراء العام بقبولها المضيّ بالصفقة على الرغم من وجود عرض واحد، إنما ارتكبت أيضاً مخالفة أخرى للقانون من خلال تعاميها عن مخالفة أساسية ارتكبها التحالف بعدم مشاركته في زيارة «إلزامية» للمواقع والنقاط البريدية، ما جعل أرقام خطته التشغيلية «افتراضية».

وهذه الافتراضية كما يتبيّن من تقرير ديوان المحاسبة، كانت هي أيضاً القاعدة التي حدّدت على أساسها الوزارة الطرح الأدنى للعروض. إذ إن الوزارة اعتمدت طرح الـ10 بالمئة كحدّ أدنى لانطلاق المزايدة من دون إعداد أي دراسة مالية تحليلية للمشروع، تسمح لها بتحديد الإيرادات الفعلية المتوقّعة. فكيف ستتمكّن وزارة الاتصالات من دحض التأكيدات التي قدّمتها لديوان المحاسبة على هذه المسألة؟

حجج أكثر إقناعاً

إذاً ينتظر من وزارة الاتّصالات تقديم حجج أكثر إقناعاً من التبريرات السابقة التي قدّمتها للديوان خلال إعداده تقريره، ولا سيّما في ما يتعلّق بالتعديلات التي أُدخلت على المؤهّلات المطلوبة في العارضين. إذ شرح وزير الاتصالات في كتاب موجّه للديوان «بأنّ الهدف من التعديل هو الحصول على أوسع مشاركة من قبل الجهات الراغبة، والتي تملك الخبرة في نقل مواد المراسلات» بينما النتيجة كانت أنّ الوزارة رفضت تمديد مهل تقديم العروض التي أوصت بها أيضاً هيئة الشراء العام لتأمين منافسة أكبر في المزايدة.

هذا في وقت اعتبر الديوان أنه إذا كانت الجهات التي ينتظر أن تتوفّر فيها المؤهلات المطلوبة هي شركات عالمية لها خبرتها في تشغيل قطاع البريد ومتفرّعاته، ستحتاج بطبيعتها إلى وقت أطول للتعرف إلى الواقع اللبناني المتّصل بالصفقة.

وعليه خلص الديوان «لكون تعديل دفتر الشروط يفتقد إلى الموضوعية والشفافية والنزاهة»، معتبراً «أن التبسيط والتهوين للمؤهلات شكّل امتيازاً للتحالف الذي أرسي عليه العقد مؤقتاً، طالما أنه كان الوحيد او إحدى الجهات القليلة التي تسنّى لها الوقت للتعرّف الى هذا الواقع بحكم تقدّمه بعرض سابق في الصفقة نفسها».

إذاً لا بدّ أن يتوقع ديوان المحاسبة إيضاحات أكثر إقناعاً على هذه الاستفسارات التي وجّهها سابقاً، بالإضافة الى توقّعه إجابات عن أسئلة أخرى طرحها في تقريره عن تبريرات تعديل دفتر شروط يُفترض أن يكون قد وضع تماشياً مع حاجات تنوي الوزارة تلبيتها وأهداف تتوخّاها من خلال عملية التلزيم.

هذا مع العلم أنّ الديوان طرح أيضاً أسئلة عن أهلية شركة تحمل ترخيصاً في نقل الطرود البريدية، بتشغيل مرفق عام بريدي بطريقة مربحة، تكفل رضى المستخدمين والمنظّم من ناحية، وتؤمّن مستوى الخدمات وجودة المنتجات. وعمّا إذا كان يُتوقّع تحقيقها الأهداف والمنافع الاستراتيجية، والفوائد الجانبية الممكنة للاقتصاد اللبناني، خصوصاً من خلال زيادة فرص الاستثمار وفرص التوظيف المستدام، وجعل هذا القطاع أكثر قدرة على المنافسة، واستقطابه خدمات ومنتجات جديدة وفقاً لما هو قائم على المستوى المحلي والعالمي؟ وهل بإمكان التحالف الذي «فصّل» دفتر الشروط على قياس مؤهّلاته توفير الخدمات والمنتجات البريدية، والعمل كبنية تحتية متينة ومنصّة فعّالة للأعمال التجارية القائمة والجديدة؟

وهل يقدر على تحسين المرفق عبر الاستعانة بالاستراتيجية والرؤيا المقدرة، التي تتحلّى بها جهات دولية ذات خبرة، من أجل الاستفادة من فرص جديدة للنمو المستمرّ للأعمال؟

خفّة في إعداد الصفقة

وحدها الإجابة عن هذه الأسئلة يمكن أن تصرف نظر متابعي هذا الملف، عمّا أظهره تقرير ديوان المحاسبة أيضاً من خفّة في إعداد الصفقة ودفتر شروطها، وعدم دقة بالنصوص المكتوبة، وإحالة العارضين المحتملين إلى مواد غير صحيحة أو حتى موجودة بالأساس، أو لجهة استخدام عبارات غامضة وغير مفهومة المعنى. وهذا «استخفاف» اعتبرته مصادر مطلعة على الملف «استهتاراً» في إعداد دفتر الشروط، ما زاد القناعات بنيات غير حسنة مخبّأة، تمهّد لمزيد من هدر المال العام، علماً أنّ ما يلفت أنّ الجهة الفائزة مؤقتاً بالإلتزام لم تتقدّم بأي استفسار حول ما ورد من أخطاء، فمضت بتقديم عرضيها من دون أي سؤال، خلافاً لما فعله مهتمون آخرون بالصفقة.

في وقت أبرز تقرير ديوان المحاسبة أيضاً تناقضاً بين دفتر الشروط وشروط العقد، بما يمكن أن يبدّد مصلحة الدولة. كما أبرز تعقيدات في الدفترين، ووضع نصوص غير مألوفة ضمن دفتر الشروط ترتكز على معايير مطاطة واستنسابية ولا تمّت إلى المنطق بصلة، متوقفاً أيضاً عند اعتماد الجهة الشارية مخططَ تقاسم إيرادات في المزايدة الثالثة مغايراً لذلك الذي أطلقت على أساسه المزايدة الثانية.

فهل تبدّد وزارة الاتصالات جميع هذه الهواجس، وتنجح في إنقاذ سمعتها وسمعة لبنان من خلال تقديم إجابات علمية مثبتة؟ أم يَثبت الديوان على قراره، فتمهّد نهائية هذا القرار لمحاولة تلزيم رابعة، لعلّها هذه المرة تنهي الجدل الذي أثارته صفقة تلزيم البريد وخدماته منذ بدايتها؟

لوسي بارسخيان – نداء الوطن

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *