الضريبة على مسدّدي القروض على 1500 تعفي الصغار وتطال الكبار: معركة نيابيّة شرسة!

الضريبة على مسدّدي القروض على 1500 تعفي الصغار وتطال الكبار: معركة نيابيّة شرسة!

بين مؤيّد ومعارض، تنوّعت ردّات الفعل حيال مشروع قانون تخصيص بعض الإيرادات الضريبيّة المباشرة لتمويل صندوق استرداد الودائع، الذي أقرّه مجلس الوزراء، وأرسله إلى مجلس النواب. المشروع يرمي الى فرض ضريبة على من استفاد من سداد قروض بعد اندلاع الأزمة أواخر 2019، على دولار 1500 أو باللولار.

مشروع القانون لا يستهدف جميع المقترضين، بل التجار والشركات والصناعيين وتجّار البناء، الذين سدّدوا مستحقّاتهم بأدنى بكثير من قيمتها الفعليّة، وحقّقوا بذلك أرباحًا طائلة على حساب المودعين. بالمقابل يستثني القانون المقترضين الأفراد، الذين لم تتجاوز قروضهم 100 ألف دولار أميركي، سواء أكانت قروضًا فرديّة استهلاكيّة (قرض سيارة أو تعليم أو سواه) أو قروضًا سكنيّة. وبذلك يحمي القانون فئة المقترضن الصغار إذا صحّ التعبير، ليحقق في جوهره مبدأ الضريبة التصاعدية، وفق مقاربة مؤيدي القانون.

قيمة القروض بالأرقام

استنادًا إلى النشرة الدورية لجمعية المصارف، بلغت قيمة التسليفات المصرفيّة للقطاع الخاص في نهاية شهر أيلول من العام 2019 حوالي 47.83 مليار دولار، وفي أواخر شهر أيلول من العام 2023 بلغ حجم القروض بالدولار 7.9 مليار دولار( سبعة مليارات وتسعمئة مليون دولار) في حين بلغت القروض بالليرة 12.5 تريليون ليرة لبنانية، وفق ما أكّد كبير الإقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل في حديث لـ “لبنان 24”. بلغة الأرقام “هبطت القروض بالدولار بنسبة بلغت حوالي 81% في محفظة التسليفات للقطاع الخاص بالدولار، خلال الفترة الممتدة من أوائل 2019 إلى آخر أيلول 2023، وتراجعت بالتالي القروض بقيمة بلغت حوالي 33 مليار و200 مليون دولار. مما يعني أنّ أكثر من 33 مليار دولار من القروض، تمّ تسديدها على 1500 أو باللولار. الأمر الذي مكّن عددًا كبيرًا من كبار المقترضين، من تحقيق أرباح تجاوزت قيمتها 80% من قيمة القروض المسدّدة، وكان ذلك على حساب المودعين”.
كيفية تسديدها
هذه القروض تمّ تسديدها على الـ 1500 ليرة للدولار، أو باللولار، بموجب تعاميم صادرة عن مصرف لبنان. جزء من المقترضين سدد من حساباته الخاصة بالدولار الاميريكي المجمّدة في المصارف، أمّا الجزء الآخر فعمد إلى تسديدها عبر شراء شيكات لولار من السوق، بسعر لا يتجاوز 15 بالمئة من قيمتها الاسمية.
إيرادات المشروع: 2 مليار دولار
في حال أُقرّ القانون في المجلس النيابي، وطُبّقت هذه الضريبة، لا يقل حجم الإيرادات المرتقبة عن 2 مليار دولار، يلفت غبريل “وهو مبلغ ليس بقليل ويشكل بداية جيدة، بحيث تخصص إيرادات المشروع لتمويل صندوق استرجاع الودائع، وبذلك تذهب الضريبة إلى المودعين، مما يرفع من قيمة السحوبات وفق التعميم 158 “.

المعترضون كثر”أُعدّ تحت جنح الظلام”
المتضررون من المشروع، هم الهيئات الاقتصاديّة وبعض الأوساط التجاريّة، بالإضافة إلى المطورين العقاريين، شنّوا حملات إعلاميّة ضد المشروع، معتبرين أنّه “أُعدّ على عجل وتحت جنح الظلام” قبل اتضاح الصورة على مستوى الشكل القانوني لصندوق استرداد الودائع، وأنّه “تضمن مخالفات جسيمة للدستور والقوانين المرعية، وللمنطق الإقتصادي السليم” وبأنه “يضرب الإقتصاد الوطني في الصميم” نقابة المقاولين بدورها رأت بأنه “مجحف ويستهدف المقاولين الذين يعانون منذ عدّة سنوات نتيجة الأزمة المالية، والذين استندوا في تسديد ديونهم بالشيكات المصرفية الى تعاميم المصرف المركزي”.

القانون منصف ويحاكي رؤية صندوق النقد
من حيث المبدأ، يحقق القانون، وفق مؤيديه، مبدأ العدالة الإجتماعية، خصوصًا أنّه يستهدف كبار الشركات والتجار الذين سعّروا خدماتهم وبضائعهم بالسعر الحقيقي لليرة في السوق الموازية، بالمقابل سددوا مستحقاتهم والقروض المتوجبة عليهم بدولار الـ 1500، فحققوا بذلك أرباحاً طائلة. من هنا يعتبر غبريل “أنّ القانون منصف، لا سيما أنّه يعفي الأفراد الذين لم تتجاوز قروضهم الـ 100 ألف دولار. كما أنّه لا يفرض على مسدّدي القروض بالليرة أو بشيك مصرفي إرجاع كامل المبلغ، الذي يشكل الفرق بين القيمة الفعليّة للقرض وقيمة الشيك، بل كل ما يفرضه هو ضريبة بنسبة 17% على الفروقات، فيما تبقى النسب المتبقيّة بمثابة أرباح. على سبيل المثال هناك تجّار بلغت قيمة قرضهم 10 ملايين دولار، بقي منها 8 مليار دولار في السنوات الأولى للأزمة، هؤلاء الذين اشتروا شيكات لولار من السوق بـ 20% من قيمتها، هذا يعني أنّهم فعليّا سددوا من قيمة قرضهم مليون و600 ألف دولار فقط، أّما المبلغ المتبقي والمقدّر بـ 6 مليار و400 ألف دولار، عليهم أن يسددوا منه ضريبة بقية 17% فقط، دون أن يعيدوا المبلغ الذي شكّل الفرق بين القيمة الفعليّة للقرض، والقيمة التي سُدّدت”

تعليقًا على اعتراض المقاولين، أشار غبريل إلى أنّ القطاع العقاري من أكثر القطاعات التي استفادت من الأزمة، بفعل شراء مودعين لشقق، مكّنت المطوّرين من تسديد قروضهم بشيكات “هناك مطوّرون كانت قيمة قروضهم 50 مليون دولار، وكانوا عاجزين عن تسديد مستحقّاتهم طيلة أربع سنوات، وبفعل الأزمة تمكّنوا من تسديدها بالكامل، في غضون ثلاثة أشهر فقط”.
من هنا يرى غبريل أنّ الإعتراض على دفع هذه الضريبة ليس منطقيًّا بالمطلق، خصوصًا أنّ المشروع يؤمّن العدالة في توزيع الثروة، ويأتي متناغمًا مع رؤية صندوق النقد الدولي، في إطار إعادة توزيع الثروة بين المودع و المقترض، بحيث خسر المودع واستفاد المقترض، وهو ما أشار إليه الصندوق بأنّ ثمة “أرباحا” جناها المقترضون. بالتوازي ، أشار غبريل إلى مسؤولية تتحمّلها الدولة عبر السلطات المتعاقبة، كونها الجهة التي استدانت وهدرت، فضلًا عن تبعات قرار الحكومة السابقة بالتوقف عن تسديد سندات اليوروبوند. أضاف غبريل “أشرس المعترضين يظهرون بأنّهم كانوا من أكبر المستفيدين من تسديد القروض بالليرة وبشيكات اللولار. وهؤلاء ليس كما يقال هم أربعة تجار بل نتحدث عن آلاف الشركات المستفيدة. إذ لا يمكن أن نتجاوز هذه الأزمة من دون مساهمة الجميع”.

النواب أمام امتحان
رغم أهمية القانون في تغذية صندوق إعادة الودائع، وفي تثبيت مبدأ اعتراف السلطة برد الودائع، وفي تكوين إشارة تشريعيّة قانونية أولى في مسار استعادة ثقة المودعين، وكخطوة أولى على طريق توزيع الخسائر، هناك شوائب تعترض تطبيقه، وفق بعض الخبراء، أبرزها أنّه يتطلب رفع السرية المصرفية عن كلّ المقترضين، وتكوين داتا خاصة بهم.

بأيّ حال المشروع ليس منزلًا، وسيخضع لتعديلات اللجان النيابية. المهم أن لا يبقى في أدراج المجلس النيابي إلى أجل غير معلوم، والنواب مطالبون بالشروع في درسه، خصوصًا أنّ من بين هؤلاء، يقول مصدر مطلع “من يرفع صوته بالشعبوية على مدار الساعة، وهو في قائمة من استفادوا من الأزمة، بحيث تمكّن من تحقيق أرباح بالملايين، بفعل تسديد قروضه المقدّرة بملايين الدولارات بشيكات اللولار وعلى لـ 1500، وهو مطالب اليوم باخضاع القانون للنقاش، لا بتجاهله”.

للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *