لبنان يُفعّل التنقيب عن النفط في البلوك 8 بعيدًا عن تعقيدات «توتال»

لبنان يفعّل ورشة البلوكات النفطية من دون «مِنّة» توتال 

أعاد لبنان مباشرةً بعد إعلان وقف إطلاق النار تحريك المياه الراكدة منذ أكثر من عامٍ في قطاع النفط والغاز في المياه اللبنانية، مع منح وزير الطاقة وليد فياض رخصة استطلاعٍ غير حصرية لشركة TGS العالمية المتخصّصة في المسوحات الجيوفيزيائية، للقيام بمسحٍ زلزالي ثلاثي الأبعاد لمساحة تبلغ حوالي 1300 كلم مربع، في البلوك الرقم 8. وهو الوحيد، من بين 10 بلوكات، لم تشمله المسوحات الزلزالية التي أجريت بين عامي 2006 و2013، وغطّت 80% من مساحة المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة للبنان، وذلك نظراً إلى موقع البلوك المحاذي للحدود مع فلسطين المحتلة، ورفض أيّ مشغّل لبواخر المسح العمل ضمن منطقة نزاعٍ بحري، قبل إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية. ومع تحرير نحو 60% من مساحة البلوك، بفعل اتفاق الترسيم، وضمّها إلى حصّة لبنان، باتت عملية مسحه ممكنة.

تكمن أهمية الخطوة في أنّها تعيد إطلاق الأنشطة البترولية الاستكشافية بشكلٍ فعلي، إذ إن التحاليل الناتجة عن المسوحات المنوي إجراؤها، في حال كانت إيجابية، قد تجذب شركات التنقيب عن النفط نحو البلوك 8. والأهم أنّها انطلقت من دون أن يكون لبنان أسير مراوغة ائتلاف الشركات الذي يضم TotalEnergies وQatar Energy وENI، الذي قدّم للدولة اللبنانية عرضاً بإجراء مسحٍ زلزالي للبلوك يستغرق أربع سنوات، فيما التزمت TGS تنفيذ العملية في غضون عامٍ واحد (وهي المدة الطبيعية)، ما يثير شكوكاً حول وجود أبعادٍ سياسية وراء المماطلة غير المفهومة التي تخدم العدو الإسرائيلي، سيّما أنّه لزّم الجزء الذي يسيطر عليه من البلوك وبدأ العمل فيه.

وتسمح المسوحات الزلزالية بإظهار الهياكل الجيولوجية والترسبات التي تحتوي على غاز أو بترول، بصورة تقديرية أولية، لذلك، تحصل عمليات المسح، كالتي ستجريها TGS في البلوك (8)، وتتكفّل الشركة بتحليل الـ«داتا»، ويكون لديها حق حصري لفترة زمنية محددة بتسويقها في المعارض العالمية، وبيعها للشركات النفطية الراغبة بالاطّلاع عليها، مقابل مبلغ مالي يُقدّر بما يراوح بين 5 و6 ملايين دولار.

هذا الاطّلاع يُعد استثماراً مقبولاً يسمح لشركات التنقيب بأن تقرر بناءً على الـ«داتا» ما إذا كانت ستهمل البلوك محور المسح أم ستستثمر في عمليات الحفر والاستكشاف فيه والتي تكلّف مئات ملايين الدولارات.

عمليات المسح الزلزالية
في البلوك 8 قد تعيد
الآمال بالثروة النفطية

الدولة من جانبها، وكي تتمكّن من التعاقد مع شركات تلتزم العمل في البلوكات، تطلق ما يُسمى دورة التراخيص، وهي فترة زمنية تقدّم خلالها الشركات عروضها، بشأن بلوك أو أكثر، وهناك عناصر مزايدة تحدّد حصة الدولة على امتداد العقد. في الدورة الأولى تمّ تلزيم البلوكين 4 و9. ومع انطلاق الدورة الثانية عام 2019، تعرقل العمل لأسباب عدة منها جائحة «كورونا»، حتى أُقفلت الدورة في تشرين الأول 2023، بعرضٍ وحيد قدّمته شركات TotalEnergies وQatar Energy وENI، بشأن البلوكين 8 و10. وبمضمونه، طلب الائتلاف مدة عامٍ ليقرّر ما إذا كان سيُجري مسحاً زلزالياً للبلوك (8)، وفي حال قرّر ذلك، طلب 3 سنوات لتنفيذ المسح.

وفي ما يتعلّق بالبلوك (10)، حيث المسح الزلزالي مُنجز، طلب الائتلاف مدة عامين ليقرّر خوض عملية الحفر فيه من عدمها، مخالفاً بذلك معايير دفتر الشروط الذي يمنح الشركة العارضة عاماً واحداً لدراسة الـ«داتا» (حالة البلوك 10)، والتزام حفره أو ترك المساحة. وبخصوص البلوك 8، «الأمر البديهي»، بتعبير عضو مجلس إدارة هيئة النفط المهندس وسام شباط، أن تبادر الشركة إلى إجراء المسح الزلزالي كـ«التزام أول، لاستخراج الداتا، وليس بحاجة إلى سنة من التفكير». ويضيف: «وفق دفتر الشروط المطابق للمعايير العالمية تحتاج عملية المسح والتحليل إلى عامٍ ليس أكثر».

لذلك، فإن عرض توتال وشركائها الذي يحتاج إلى أربع سنوات لإجراء المسح والتحليل، خلق «ارتياباً لدى الهيئة والوزير فياض من أنّ توتال تضيّع على لبنان وقتاً خدمةً للعدو، الذي يسيطر على جزء من البلوك 8». إضافة إلى محاولة الشركات «قتل عنصر المنافسة، واحتكار العمل، من خلال عدم التسريع بعملية المسح، التي قد تنتج عنها نتائج إيجابية، يمكن أن تلفت نظر شركات نفطية أخرى للعمل في لبنان». وفيما حاولت الهيئة وفياض، وضع شروط تحسّن من العرض لصالح الدولة اللبنانية، رفضت «توتال» التوقيع.

على هذا أُقفلت الدورة الثانية، وافتُتِحَت دورة التراخيص الثالثة، وفي الأيام الأولى من كانون الأول الجاري، قدّمت شركة TGS طلباً للاستحصال على رخصة استطلاع لمسح البلوك 8، ملتزمةً بتغطية 50% من كلفة المسح، إضافة إلى دمج المعطيات التي ستنتج عنها، مع جميع معطيات المسوحات الزلزالية السابقة، وإعادة تحليلها وتطويرها بتقنيات حديثة، عن تلك التي استُخدمت في تحليلها عام 2013، علماً أن TGS استحوذت على شركتي Spectrum وPGS اللتين أجرتا في الأصل المسوحات الزلزالية التي غطّت 80% من المساحة الإجمالية للمنطقة الاقتصادية البحرية المطلوب مسحها بين عامي 2006 و2013.

ويعني ذلك أنّ TGS أصبحت تملك 80% من «الداتا» الناتجة عن المسوحات الزلزالية للبنان. لذلك يُجمع فياض وشباط على أنّه «أصبح واقعياً أكثر أن تمسح TGS البلوك 8، وتدمج كل «داتا» لبنان حول المسوحات الزلزالية، بمُنتج واحد تعرضه على الشركات النفطية لتطّلع على الفرص الموجودة في البحر اللبناني كاملاً، سيّما أنّ أي معلومات إضافية ستنتج عن البلوك 8، بالتوازي مع تطوير المعلومات السابقة وإعادة مُعالجتها، قد ترفع من مستوى الجذب لجميع البلوكات ضمن استراتيجية وطنية واحدة للترويج والتسويق».

وهو أمر من الصعب تحقيقه، لو أنّ شركة جديدة تكفّلت بمسح البلوك 8، إذ لا يستطيع لبنان الطلب من الشركتين دمج ما لديهما من «داتا» حول البحر اللبناني، و«سنكون أمام شركتين كل منهما تروّج لبيع الداتا التي استخرجتها من البلوك التي عملت عليه، تحقيقاً لأرباح مالية، وهو ترويج لبلوكات على حساب أخرى».

أضف إلى ذلك أن نتائج الحفر في البلوكين 4 و9 لم تكن مشجّعة، وخلقت صعوبة أمام جذب شركات لمسح البلوك 8، علماً أن لبنان بحاجة إلى هذه العملية لمعرفة ما إذا كانت هناك حقول محتملة عابرة للحدود يمكن الاستفادة منها، دون أن يعرقل العدو ذلك، وأتى عرض TGS بمسح البلوك ليذلّل هذه المشكلة، وعليه قبلته هيئة النفط وفياض، لـ«ما فيه من مصلحة وطنية».

Lebanon Activates Oil Exploration in Block 8 Without Total’s Delays

Following the ceasefire, Lebanon has reignited its stalled oil and gas sector by granting a non-exclusive reconnaissance license to TGS, a global geophysical survey company. The company will conduct a 3D seismic survey over approximately 1,300 square kilometers in Block 8, the only block among Lebanon's ten blocks that has not been surveyed since previous studies conducted between 2006 and 2013.

Block 8's significance lies in its proximity to the border with occupied Palestine, which previously rendered it a disputed zone. However, following the maritime border agreement that secured 60% of the block for Lebanon, exploration has become viable.

Restarting Exploration Activities in Block 8

The seismic survey aims to provide precise geological data to identify structures that may contain oil or gas. TGS will analyze and market the data globally, offering it to interested exploration companies. This move is seen as a positive signal to re-attract investments in Lebanon’s oil and gas sector.

Rejection of Total’s Offer and Partnering with TGS

TotalEnergies, along with Qatar Energy and ENI, proposed a lengthy four-year timeline for conducting the seismic survey, raising concerns about delays that could benefit Israel. Conversely, TGS committed to completing the survey within one year, leading Lebanon’s Petroleum Authority and Energy Minister to accept TGS's proposal.

Importance of Updated Seismic Data

TGS plans to integrate new survey data with existing datasets using advanced technologies, creating a comprehensive geological profile of Lebanon’s offshore potential. This approach aims to market Lebanon’s blocks under a unified national strategy, increasing their appeal to global oil companies.

Past Challenges and Future Prospects

Disappointing results from earlier drilling activities in Blocks 4 and 9 had dampened investor enthusiasm. However, TGS’s commitment to surveying Block 8 could mitigate these concerns by providing essential insights into potential cross-border fields, enabling Lebanon to capitalize on its resources without external obstructions.

A New Direction for Lebanon’s Oil Sector

By engaging TGS, Lebanon has taken a decisive step towards reviving its oil exploration efforts. If the seismic data proves promising, it could attract major players back to Lebanon’s waters, potentially transforming the country’s economic landscape.

Translated by economycsopes team

المصدر: ندى أيوب – الأخبار

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *