لبنان وصندوق النقد الدولي: رحلة التفاوض والتحديات الكبيرة
بعد زيارة رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إرنستو راميرز ريغو إلى بيروت على رأس وفد رفيع، ولقائه مع كبار المسؤولين اللبنانيين، بما فيهم رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة، ووزيري المال والاقتصاد، بدأت المفاوضات مجددًا بين لبنان وصندوق النقد الدولي حول البرنامج الجديد المرتقب. جاءت هذه الزيارة لتفتح الطريق أمام فرص جديدة قد تساعد لبنان على الخروج من أزماته المالية، حيث دعا صندوق النقد لبنان إلى وضع خطة إصلاحية مالية موحدة تهدف إلى معالجة العديد من التحديات الاقتصادية.
إلى الآن، لا يزال من غير الواضح ما هي الخطط الإصلاحية الجديدة التي سيعتمدها صندوق النقد الدولي لإعداد البرنامج الجديد للبنان. ولكن تبقى أسئلة عديدة بلا إجابات واضحة: هل سيكون العام 2025 عام الاختراق الحقيقي في المفاوضات ويؤدي إلى توقيع الاتفاق المنتظر؟ أم أن لبنان سيظل في دوامة التعثر وتأجيل الحلول إلى أجلٍ غير مسمّى؟
شروط صندوق النقد الدولي
في حديث خاص مع الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين، أكد أن ما يطلبه صندوق النقد الدولي من لبنان هو في الأساس مطلب داخلي للدولة، موضحًا أن هناك العديد من الأمور التي كانت الحكومة اللبنانية تحاول العمل عليها، ولكن الوضع السياسي المعقد في لبنان كان يعوق تنفيذ هذه الإصلاحات. وأضاف ناصر الدين أن الصندوق يطالب بمجموعة من الإصلاحات المهمة، مثل تحسين الجباية الضريبية، وتطوير الجمارك، بالإضافة إلى تحسين عمل الهيئات الناظمة في مجالات الكهرباء والنقل، وإعادة هيكلة القطاع العام. لكن يبقى التساؤل حول كيفية تنفيذ هذه الإصلاحات في ظل وضع يشهد فائضًا في بعض المراكز الوظيفية، وشغورًا كبيرًا في مراكز أخرى، ما يتطلب خطة واضحة وواقعية.
وأشار ناصر الدين إلى أن صندوق النقد الدولي يطالب بتعويم سعر الصرف وتوحيده، وهو ما يُعد إشكالية كبيرة في حال أصر الصندوق على تطبيقه في ظل الظروف الراهنة. كما أنه لا ينبغي أن ننسى أن صندوق النقد الدولي يدخل إلى لبنان في وقت يعاني فيه من أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، وسط تحديات كبيرة مثل الركود الاقتصادي والأزمة المصرفية.
لماذا يحتاج لبنان إلى صندوق النقد الدولي؟
من جانبه، يرى ناصر الدين أن حاجة لبنان إلى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي تتعدى المسألة المالية المباشرة. فالمبلغ الذي سيحصل عليه لبنان (3 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات) قد لا يكون كافيًا، ولكن الأهم هو أن الاتفاق مع صندوق النقد يعد بمثابة “جواز عبور” للبنان على الساحة الدولية، مما يساعد على استعادة الثقة الخارجية التي فقدها لبنان بعد سنوات من الأزمات والفساد. ويضيف أن الوفد التقني اللبناني، بإدارة وزارة المالية، بدأ التحضير لهذه المرحلة الهامة، حيث أن وزير المالية ياسين جابر يمتلك الخبرة اللازمة للتعامل مع الشروط المطلوبة من صندوق النقد.
هل ستبقى الشروط الفنية مجرد شروط فنية؟
أما بشأن الشروط الفنية، فقد أوضح ناصر الدين أن الوضع ليس واضحًا بعد فيما يتعلق بالحصول على القرض من صندوق النقد الدولي. إذ أن الشروط التي يتم وضعها اليوم تبدو معقدة وصعبة التنفيذ، مقارنة بما يراه لبنان في الدول المحيطة به، حيث تُعتبر شروط صندوق النقد أقل تشددًا. ويربط ناصر الدين ذلك بنظرة المجتمع الدولي المختلفة إلى لبنان، مشيرًا إلى أن الفساد الداخلي والعداء الإسرائيلي يشكلان عوامل تؤثر على شروط صندوق النقد الدولي.
هل نواجه دوامة من التعثر أم إصلاحات حقيقية؟
وفيما يتعلق بتأجيل الحلول أو عدم التوصل إلى اتفاق حاسم مع صندوق النقد الدولي، يرى ناصر الدين أن الوضع قد يصبح أكثر صعوبة نظرًا للتحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها لبنان، خاصة مع تداعيات الحرب المستمرة وتأثيرها على الوضع الاقتصادي. ويعتقد أن الحاجة اليوم إلى صندوق النقد الدولي ليست محصورة في الدعم المالي فقط، بل أيضًا في استعادة الثقة الدولية في الاقتصاد اللبناني.
ويختتم ناصر الدين بأن الإصلاحات الحقيقية هي التي ستستعيد الثقة الداخلية والخارجية، مؤكداً أن الحلول الفعّالة لمشكلة الودائع والمودعين في البنوك هي المفتاح لاستعادة هذه الثقة، وأن التحدي الأكبر هو ألا يستغرق الاتفاق مع صندوق النقد وقتًا طويلاً بدون حلول ملموسة. وفي النهاية، يشير إلى أن أي تقدم في المفاوضات مع صندوق النقد لن يصبح واضحًا إلا بعد إقرار موازنة العام 2026.
SEO Keywords for Arabic Version (CPC Keywords for WordPress)
لبنان وصندوق النقد الدولي, برنامج صندوق النقد الدولي في لبنان, التفاوض مع صندوق النقد الدولي, شروط صندوق النقد الدولي, الإصلاحات المالية في لبنان, الأزمة المالية في لبنان, كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية, تعويم سعر الصرف في لبنان, الجباية الضريبية في لبنان, الهيئات الناظمة في لبنان, الحكومة اللبنانية وصندوق النقد, الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين, شروط القرض من صندوق النقد, تأثير الفساد على الاقتصاد اللبناني, موازنة لبنان 2026, استعادة الثقة الاقتصادية في لبنان, خطة إصلاحية للبنان, الأزمة المصرفية في لبنان, قرض صندوق النقد الدولي للبنان
Lebanon and the IMF: A Journey of Negotiations and Major Challenges
The visit of IMF Mission Chief Ernesto Ramirez Rigo, leading a high-ranking delegation to Beirut, and his meetings with Lebanon's top officials—including the President, Parliament Speaker, Prime Minister, and Ministers of Finance and Economy—has reopened negotiations between Lebanon and the IMF for the much-anticipated new program. This visit has paved the way for potential reforms that could help Lebanon recover from its financial crises. The IMF has called on Lebanon to develop a unified financial reform plan aimed at overcoming its economic struggles.
However, the exact reform plans that the IMF will adopt for Lebanon’s new program remain unclear, and there are still many questions that need clear answers. Will 2025 witness a real breakthrough leading to a final agreement with the IMF, or will Lebanon continue to suffer from delays and unfulfilled promises?
IMF Conditions
In an exclusive interview with economist Ziad Nassereddine, he explained that what the IMF is requesting is essentially a requirement for Lebanon itself—a necessity for the state to function. However, Lebanon’s political situation has hindered the execution of certain reforms. Nassereddine mentioned that the IMF's demands include reforms related to public financial management, improving tax collection, and developing customs practices. The IMF is also calling for reforms in the telecommunications, electricity, and transportation sectors, as well as streamlining the public sector by reducing staff, though this is challenging in Lebanon’s current situation.
He also pointed out that the IMF is demanding currency devaluation and unification, which presents a major challenge if the IMF insists on these measures. Moreover, the IMF is asking for the restructuring of Lebanese banks, but Lebanon is entering these negotiations amid severe economic and financial crises.
Why Does Lebanon Need the IMF?
According to Nassereddine, Lebanon’s need for the IMF goes beyond the financial aspect. The loan of $3 billion over three years is insufficient, but Lebanon needs the agreement as a “passport” to reenter the global community, regain trust from abroad, and overcome years of crises and corruption. He noted that Lebanon’s technical team, under the Ministry of Finance, is preparing for this crucial phase.
Will Technical Conditions Remain Just Technical?
Nassereddine explained that the situation is still unclear regarding whether Lebanon will receive the IMF loan, as the technical conditions imposed are difficult and complicated. Compared to neighboring countries, the IMF’s conditions appear less strict. He attributed this to the different perspectives the IMF holds toward Lebanon, partly due to internal corruption and the Israeli conflict.
A Stalemate or Real Reform?
Regarding the likelihood of delays or failure to reach an agreement, Nassereddine argued that the situation could become even more challenging due to the ongoing war and its effects on Lebanon’s internal reality. He believes that the need for the IMF today is not just about financial support, but about restoring Lebanon’s credibility in the international arena.
Nassereddine concluded that genuine reforms are the key to restoring trust, which cannot be solely provided by the IMF. The real challenge lies in solving Lebanon's banking crisis and returning deposits to citizens, as this is crucial for regaining public confidence.
Translated by economyscopes team
المصدر: نوال أبو حيدر