المرفأ 6 780x470 1
المرفأ 6 780x470 1

لبنان: تضخم متفاقم وخطر انهيار محدق

كتبت بيل ترو في ” إندبندنت عربية “:

خلال الشهر الذي غبت فيه عن لبنان، خسرت العملة داخل محفظتي نصف قيمتها تقريباً ولم تكفِ لتسديد أجرة السيارة التي أقلّتني من المطار.

عندما تمكّنت في النهاية من العودة إلى شقّتي، استقبلتني فاتورة مولّد كهربائي بقيمة 600 ألف ليرة لبنانية مقابل الأسابيع الأربعة التي لم استخدم فيها الكهرباء. هذا ما يقارب 300 جنيه استرليني بحسب سعر الصرف الرسمي وهي فاتورة منفصلة عن فاتورة الكهرباء الفعلية- مع أن تكلفتها ربما تكون زهيدة نظراً لأن الحيّ الذي أقطن فيه لا يتلقّى سوى ساعة كهرباء واحدة من الشبكة الرسمية يومياً.

لا أكتب بغرض التذمر من حياتي. وبصفتي مراسلة أجنبية، أتمتّع بامتياز هائل لأنني قادرة على الحصول على عملة أجنبية ويمكنني مغادرة لبنان إن أردت ذلك.

لكنني أكتب بغرض تسليط الضوء على مأساة تلك العائلات في لبنان التي تقبض رواتبها بالليرة اللبنانية وتحاول الاستمرار فيما يتوجه البلد نحو انهيار مخيف. واستناداً إلى آخر البيانات الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي في لبنان هذا الأسبوع، تضاعف سعر الغذاء في البلاد أربع مرات خلال السنة الماضية، بينما زادت أسعار الملابس والأجهزة المنزلية والأثاث ستة أضعاف.

وفي الواقع، يقول البنك الدولي إن أسعار المواد الغذائية في لبنان هي الأغلى في الشرق الأوسط حالياً. ويعود ذلك جزئياً إلى انهيار العملة الوطنية التي ما زالت مثبّتة عند 1500 ليرة لكل دولار- بينما يصل سعرها في السوق السوداء الموازية والأكثر واقعية إلى عشرة أضعاف ذلك السعر. وخلال ظهيرة كئيبة بشكل خاص في مارس (آذار)، وصل سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة للدولار. ويُتوقّع أن يتفاقم التضخم في الأشهر المقبلة فيما تستمر قيمة العملة بالهبوط.

وهذه حلقة مفرغة لأن اقتصاد لبنان مرتبط بالدولار ويعتمد اعتماداً كبيراً على الاستيراد. وفيما يشحّ الدولار، تتراجع الليرة أكثر بعد، فيزيد الطلب على الدولار، الذي يصبح أقل ندرة بعد.

في الوقت الحالي، يستخدم المصرف المركزي ما تبقى من مخزون عملاته الأجنبية من أجل دعم استيراد القمح والمحروقات والأدوية وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1500 ليرة والمواد الغذائية وغيرها من المستلزمات الحيوية مقابل سعر الصرف الثاني البالغ 3900 ليرة للدولار لكي لا يجوع الناس.

لا يمكن أن يستمرّ ذلك أكثر. الأسبوع الماضي، قال وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني لـ”رويترز”، إن المصرف المركزي سوف يستنفد أمواله لدعم استيراد الحاجات الأساسية بحلول نهاية مايو (أيار). وفي حال رفع الدعم عن المواد الغذائية والأدوية، سوف تعاود الأسعار ارتفاعها الهائل فتتراجع قيمة الليرة أكثر بعد. وأخشى أن يؤدي ذلك حتى إلى انتشار المجاعة في بعض المناطق.

خلال غيابي، تلقّيت رسائل من أصدقاء لبنانيين مذعورين يخبرونني فيها عن الشجارات التي بدأت تنشب فعلاً داخل المتاجر على ما تبقى من مواد غذائية قليلة مدعومة. وقد وضعت الأمم المتحدة لبنان على لائحة مناطق الجوع في عام 2021، محذّرة بأن تدهور قيمة العملة السريع والتضخم الهائل سوف يتسببان بارتفاع معدلات الجوع المدقع. وقال البنك الدولي من جانبه في يناير (كانون الثاني) إن 841 ألف شخص تقريباً سيصبحون تحت خط الفقر الغذائي.

لكن هذه التوقعات تستند إلى وضع أقل سوداوية من الواقع الآن. فلو وضعنا الأزمة الغذائية جانباً، يسير البلد بخطى متعثّرة كذلك مع بعض الساعات القليلة من الكهرباء يومياً: في مارس، كانت نصف معامل توليد الطاقة في لبنان فقط تعمل بسبب نقص الوقود.

وحينها، حذر وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال من أن لبنان سيغرق في “عتمة شاملة” إن لم يوفر المال لشراء الوقود لمحطات توليد الكهرباء. وهذا الأسبوع، أفادت التقارير بإبرام اتفاق بين لبنان والعراق يقضي بتبادل ما قيمته 220 مليون جنيه من النفط الثقيل مقابل خدمات عينية لسد هذه الثغرة، لكن ذلك ليس حلاً على الأمد البعيد.

كما سددت الجائحة ضربة قوية للبلد. ففضلاً عن فرضه أحد أقسى قيود الإغلاق في العالم التي دمرت الاقتصاد، استنفد القطاع الصحي في البلاد كافة طاقاته. إلى هذه اللحظة [كتابة المقالة]، أصيب نحو نصف مليون شخص بـ”كوفيد-19″ فيما توفي أكثر من 6600 شخص آخرين، بينما لا تزال الأقسام التي تستقبل حالات “كوفيد” ممتلئة.

أما الأزمة الاقتصادية التي تشكل أساس كل هذا، فترسخها عقود من سوء الإدارة والفساد المزمن الذي يبدو أن السلطات عاجزة أمامه.

لبنان من دون حكومة منذ ثمانية أشهر بعد استقالة الحكومة كاملة في أعقاب انفجار بيروت الذي وقع في أغسطس (آب) الماضي حين فجرت أطنان من المواد المتفجرة المُخزّنة في المرفأ الأساسي أجزاءً من العاصمة.

ومنذ ذلك الحين، لم يقدر رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، الذي استقال للمناسبة من منصب رئيس الحكومة في عام 2019 خلال موجة الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي المتردي، أن يحمل الأحزاب السياسية على تشكيل حكومة جديدة. يوم الأحد، قال مسؤول رفيع المستوى في صندوق النقد الدولي إن هذا العجز عن تأليف حكومة جديدة يعني أن البلد لن يتمكن من التصدي للأزمة الاقتصادية، لأنه غير قادر على إطلاق الإصلاحات التي تأجلت طويلاً من أجل تحرير المعونات الأجنبية التي هو بأمس الحاجة لها.

تدرك النخبة الحاكمة واقع الأمور هذا. وحذر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري منذ أسبوعين أن لبنان سيغرق “مثل التيتانيك” ما لم ينجح بتأليف حكومة. لكنني أعتقد بأنه قد اصطدم بجبل الجليد فعلاً وهو يغرق.

والسبيل الوحيد إلى تخفيف الوقع الكارثي- ما لم نقل أثرها المميت- لهذه الأزمة على الناس، والحؤول دون حدوث مجاعة محتملة، هو تشكيل حكومة جديدة. على النخبة السياسية أن تضع خلافاتها جانباً في الوقت الحالي وتجتمع من أجل إنقاذ هذه السفينة الغارقة.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تحديث سعر صرف الدولار اليوم

سعر صرف الدولار الآن اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة التحديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *