النقود المعدنية 1 780x470 1
النقود المعدنية 1 780x470 1

النقود المعدنية اللبنانية..ظاهرة الاتجار بها بسبب تدني قيمتها

يعد الاتجار بالعملة النقدية ظاهرة جديدة على المجتمع اللبناني، كما أنها نتيجة من نتائج الأزمة الاقتصادية. ففي أيام الشح والقلة، يبتدع الإنسان طرقاً جديدة، لتحقيق الحد الأدنى من الدخل الإضافي، وقد وجد المواطن اللبناني في “القطع المعدنية” ضالته. ذلك أنه وفي سبيل تكيفه مع الأزمات، اتجه فريق من الناس إلى تغيير وظيفة النقود المعدنية، من وسيلة للتبادل الاقتصادي والسلعي، إلى مادة أولية لاستخدامها في الصناعات التحويلية.

تجارة مربحة

يومياً يجول محمد على المقاهي والمتاجر في الحي يشتري سلعاً مختلفة، تحديداً تلك التي تؤمن له “الفراطة” أي النقود المعدنية من فئتي 250 ليرة لبنانية المصنوعة من النحاس، و 500 ليرة لبنانية المصنوعة من النيكل. يقول الشاب العشريني، إنه استوحى الفكرة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال النقاشات التي تدور مع رفاقه حول ارتفاع أسعار المعادن، وأن هناك طلباً كبيراً على معدن النحاس.

في كل مرة يحاول محمد جمع 100 قطعة نقدية من أجل بلوغ وزن الكيلو، وبعد ذلك يبيعها إلى “البورة” وأماكن تجميع الحديد الكسر لقاء 40 دولاراً أميركياً. تؤمن هذه العملية دخلاً إضافياً للشاب العاطل حالياً من العمل، ويُجري مقارنة توضيحية للفرق الكبير بين القيمة التداولية للنقود، والقيمة الحقيقية، فمئة قطعة من فئة 250 ليرة لبنانية المصنوعة من معدن النحاس، تُساوي 25 ألف ليرة لبنانية، أما ثمنها كمادة أولية على دولار السوق الموازية هو 500 ألف ليرة لبنانية تقريباً.

يُقبل الشبان بشكل متزايد على شراء القطع المعدنية، ويفيدنا الشاب هادي أن “أحدهم اشترى منه كل قطعة نقدية بألف ليرة لبنانية، أي بأضعاف القيمة الاسمية للعملة”. ويوضح محمد أن “أصحاب البُوَر يشترون النقود المعدنية، ومن ثم يتم صهرها، وبيعها كمادة أولية خام يمكن استخدامها في الصناعة”.

انقطاع النقود من السوق

يشكو أصحاب المقاهي والدكاكين من نفاد القطع النقدية المعدنية من فئتي 250 و 500 ليرة لبنانية. وقد سبق غياب هذه العملة عن الأدراج ارتفاع كبير في الأسعار، ولم يعد يوجد أي منتج على الرفوف بهذا السعر. ففي الماضي، كان يجري تسعير العشرات من السكريات والعصائر المحلية الصنع بهذه القيمة في متاجر التجزئة، أو في الدفع للمواقف العامة للسيارات “باركميتر”. أما اليوم فباتت تستخدم في سد الفرق بين قيمة المشتريات والفواتير.

يتحدث هادي مارديني، صاحب مقهى، عن انقطاع العملات المعدنية من المتاجر، وتسبب ذلك بأزمة كبيرة في التسعير، موضحاً أنه اضطر لرفع أسعار بعض السلع والخدمات لمجرد وجود قطع معدنية، فعلى سبيل المثال “ارتفع ثمن عبوة المياه من 1500 ليرة إلى 2000 ليرة، وهكذا دواليك”.

يشير مارديني إلى الأثر السلبي لهذه السلوكيات على الأسعار، فهي تؤدي إلى “التضخم”. إلا أنه في المقابل، لا يلوم المواطن الذي “أصبح مضطراً لبيع أي شيء وخوض أي تجربة من أجل تأمين مبلغ إضافي من المال، بغض النظر عن الآثار الاقتصادية العامة”.

الحدود بين التجارة والقانون

أثارت هذه الظاهرة المستجدة تساؤلات حول مدى مشروعيتها، وبدأت تطرح نفسها كإشكالية على رجال القانون في لبنان، لناحية هل تعد العملة المعدنية الوطنية بمثابة السلعة التي يمكن تداولها بحرية، أم أنها تعد ملكاً عاماً ويلتزم المواطن باستخدامها وفق الوظيفة التي حددتها السلطة؟

يؤكد المحامي في الاستئناف رفيق هاشم، أن الإشكالية القانونية فرضها التداخل بين “تدهور قيمة الليرة اللبنانية، والقيود والضوابط التي فرضتها المصارف على حرية التداول بعملة الدولار الأميركي، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، التي اعتمدتها في الأسواق السوداء (أو الأسواق الموازية)، وهي أسعار مضخمة وغير مستقرة، ومخالفة للسعر الرسمي المحدد من مصرف لبنان”.

وفي ظل الواقع المتقدم، فقدت العملات المعدنية اللبنانية من فئات 500 و250 و100 ليرة لبنانية قيمَها الشرائية المألوفة سابقاً، وبذلك أمست المواد المستخدمة لتصنيعها، مثل النحاس أو النيكل أو الزنك أو الألمنيوم، أغلى بكثير من قيَمِها الشرائية، الأمر الذي حث البعض إلى الاتجار بها، تمهيداً لتذويبها والاستفادة من المعادن الموجودة فيها.

يؤكد هاشم أن “موضوع العملات النقدية هو من المواضيع البالغة الأهمية لتداعياته التي تصيب نواحي الحياة الإنسانية المتعددة في صميمها، لذلك يستدعي إحاطةً قانونيةً حمائيةً، تأخذ بالحسبان هذه الأهمية وتلك التداعيات”.

ويشير الباحث القانوني إلى أن “المشرعَ اللبناني كان قد سن قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي، سعياً لتنظيم القطاعات النقدية والمصرفية والمالية”، وقد عرف هذا القانون، في مادته الرابعة، السمات النقدية وقسمها إلى نوعين أساسيين، أوراق نقدية تساوي قيمتها الوحدة النقدية أو تربو عليها، وقطع معدنية تساوي قيمتها الليرة الواحدة، والمئة ليرة، والمئتين وخمسين ليرة، والخمس مئة ليرة.

وتكريساً لأهمية العملة الوطنية، سواء أكانت ورقيةً أم معدنيةً، اعتبر قانون النـقد والتسليف أن إصدار النقد امتياز تنفرد به الدولة دون سواها، وأن الدولة يمكن أن تمنح هذا الامتياز للمصرف المركزي.

ويضيف هاشم في قراءته أن المشرع اللبناني أقر قانوناً لتنظيم مهنة الصرافة، حظر بموجبه على غير المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية المسجلة لدى مصرف لبنان امتهان أعمال الصرافة، إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق من مصرف لبنان، وذلك تحت طائلة العقوبات الجزائية.

وفي سبيل الحرص على حماية العملة الوطنية أيضاً، أنزل قانون العقوبات اللبناني عقوبتي الحبس والغرامة المحددتان في المادة 319 عقوبات بحق كل من ينشر مزاعم تنال من مكانة الدولة المالية أو تزعزع الثقة بالعملة الوطنية أو تنقص من قيمة هذه العملة.

وينتقل هاشم للحديث عن العقوبات التي قد تلحق المخالفين، فالمادة 445 من قانون العقوبات عاقبت بالحبس والغرامة كل من صنع أو عرض أو نقل بقصد الاتجار أو روج قطعاً معدنيةً مقلداً بها عملة متداولة شرعاً أو عرفاً في لبنان أو في دولة أخرى. كما حدد حاكم مصرف لبنان، بموجب الصلاحيات الممنوحة له، أصولاً وآلياتٍ لإيداع وسحب الأوراق النقدية وقطع النقود المعدنية، نظراً لدقة الموضوع.

فجوة قانونية

انطلاقاً من أحكام النصوص القانونية، نرى أن المشرع اللبناني اكتفى بسن إطار قانوني عام من شأنه حماية النقد الوطني، وحرص على إنزال عقوبات جزائية على كل من ينشر مزاعم من شأنها النيل من مكانة العملة الوطنية وزعزعة الثقة فيها، أو تحدث عن قيمتها، لكنه في المقابل، لم يلحظ، بصورة صريحة ومباشرة، بيع العملات المعدنية أو المتاجرة بها أو تذويبها للاستفادة من المعادن الخالصة الموجودة فيها، التي تُعد، بالنسبة إلى بعض الآراء الفقهية، وجهاً من أوجه التداول الحر للسلع، الأمر الذي يستدعي تدخلاً من السلطة التشريعية أو تنظيمياً من مصرف لبنان لتنظيم هذا القطاع، ووضع ضوابط له بما يصون سمعة النقد الوطني وقيمته ومتانته. وحتى ذلك الحين، تبقى الكلمة الفصل للقضاء اللبناني المختص للبت في مدى إمكانية اعتبار بيع العملات المعدنية أو المتاجرة بها أو تذويبها عملاً مخالفاً لأحكام القوانين المرعية الإجراء.

دفعت هذه الفجوة القانونية إلى تشكيل لجنة من كبار القانونيين والقضاة لدى وزارة العدل في لبنان، من أجل اتخاذ الموقف القانوني من موضوع “جمع العملات المعدنية من أجل الاتجار بها، وإذابتها لتحويلها وإعادة استخدامها”. ويؤدي غياب النص الواضح إلى غموض في الوجهة التي ستتخذها المحاكم التي تعود إليها صلاحية اتخاذ الموقف الاجتهادي الملزم، كما يفترض في المقابل تدخل المشرع لتأمين الحماية الكافية للعملة الوطنية.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تحديث سعر صرف الدولار اليوم

سعر صرف الدولار الآن اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة التحديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *