السبت, مايو 4, 2024
الرئيسيةأخبار لبنانية إقتصاديةالجراد يزاحم اللبنانيين على.. لقمتهم

الجراد يزاحم اللبنانيين على.. لقمتهم

- Advertisement -

كتبت زيزي اسطفان في “الراي”:

- Advertisement -

يفرك لبنان «عينيْه» كل يوم على «مصيبة» جديدة، حتى أن أبناءه باتوا ينتظرون نصيبهم من الأخبار السيئة مع كل إشراقة شمس.

- Advertisement -

آخِر حلقات مسلسل «الرعب» الدائم كان «الخطر الداهم» الذي أطلّ برأسه مع طلائع أسراب الجراد الصحراوي التي وصلت في الساعات الماضية إلى جرود عرسال ورأس بعلبك (شرق لبنان)، والتي أطلقت وزارة الزراعة بمواجهتها «معركةً» انخرط فيها الجيش وطوافاته (برش مبيدات حشرية) تفادياً لانتشارٍ يأتي على ما بقي في بلدٍ وكأنه على مشارف استعادة واحدةٍ من أفظع الفواجع في تاريخه، المجاعة الكبرى التي مهّدت لها جحافل الجراد في 1915، فاتحة الطريق أمام أمراض التيفوئيد والكوليرا التي ساهمَ في تداعياتها الفتّاكة حصارٌ بري وبحري على ضفاف الحرب العالمية الأولى.

- Advertisement -

خوف كان اللبنانيون في غنى عنه اليوم في هذه الظروف الضاغطة التي يعيشونها، ولكن يبدو أن كل شيء بات يعاكسهم وينذرهم بالأسوأ. فما حقيقة الجراد في لبنان، وهل هو خطر حقيقي أم وهْم مفرط يسيطر على أعصاب اللبنايين ويدفعهم للخوف المبالغ من كل شيء؟

لا يزال اللبنانيون يذكرون بعد أكثر من مئة عام يوم اجتاح الجراد جبل لبنان و أكل «الأخضر واليابس» كما تخبر كتب التاريخ. حينها كانت تلك كارثة طبيعية قضت على المحصول الزراعي وساهمت في تفاقم حالة المجاعة التي عصفت بأهل لبنان في العام 1915 (وحتى 1918) إبان الحرب العالمية الأولى نتيجة الحصار البحري من الحلفاء من جهة ومصادرة كل المحاصيل ومخزون الطعام للمجهود الحربي للجيش العثماني من جهة أخرى. وعُرفت تلك الفترة بالمجاعة الكبرى التي حصدت ما يزيد عن 200000 شخص أي ما يوازي ثلث عدد سكان لبنان وقتها. وبقي ذلك التاريخ محفوراً في ذاكرة اللبنانيين كما صورة الجراد الذي غطت أرتاله وجه السماء وحجبت نور الشمس، ورافقهم خوف دائم من اجتياح الجراد مرة جديدة لبلادهم.

الجراد على الأبواب

حالة الخوف بدأت حين أطلق وزير الزراعة في الحكومة المستقيلة عباس مرتضى تحذيراً الى الفرق المختصة في وزارة الزراعة، طالباً منها الجهوزية لمواجهة موجات جراد محتملة بعد ورود معلومات عن مشاهدة أسراب منها في الأراضي السورية. ودعا المواطنين في المناطق والقرى الحدودية، إلى إبلاغ الوزارة عن أي مشاهدة لأسراب الجراد.

وأجرى مرتضى اتصالاً بوزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، طالبا منها «جهوزية مروحيات الجيش للمساعدة في اي طارئ في هذا المجال».

وبالفعل كان أحد المزارعين قد رصد أعداداً من هذه الحشرات في جرود بلدتي عرسال ورأس بعلبك الحدودية ومحلّة خربة داود، في جهة السلسلة الشرقية لجبال لبنان. والجدير ذكره أن هذا الجراد الذي يتم التحذير منه هو الجراد الصحراوي المؤذي وليس المحلي الذي يتخذ من لبنان بيئة طبيعية له.

وكان قد لوحظ غزو للجراد الصحراوي لمناطق في سورية والأردن و العراق ما دفع بالمسؤولين الى إطلاق التحذيرات ووجوب المراقبة الحثيثة تحسباً لوصوله الى لبنان.

على دقة هذا الخبر وأهميته، سرعان ما تحول الى مدعاة للتندر على مواقع التواصل كعادة اللبنانيين، حيث قارنوا بين مفعول الجراد الذي يأكل الأخضر واليابس ولا يترك للمُزارع شيئاً وبين سلطتهم ومسؤوليهم الذين لم يتركوا بدورهم لا للجراد ولا للمواطن اللبناني أخضرا ولا يابس بل ابتلعوا كل شيء وتركوا البلاد جرداء قاحلة والمواطن معدماً وجائعاً.

ولكن بعيداً عن التندر، كان لا بد من الاستعلام عن الموضوع ومدى خطورته، إذ لا تنقص «بلاد الأرز» جائحة أخرى من أي مصدر أتت. «الراي» حاولت الاتصال بمدير محطة تل عمارة في مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية المهندس إيهاب جمعة لتقف على رأي المصلحة المختصة بالموضوع، لكن جواب المدير أتى مقتضباً بالقول إن الموضوع ليس للتداول العابر «فهو شأن وطني ويمكن أن يتخذ أبعاداً كبيرة لذا فإن وزير الزراعة والجهات المختصة هي وحدها المخولة إعطاء تصاريح حول أمر الجراد أما التنظير من بعيد فلا جدوى منه».

وجاء كلام الوزير مرتضى اليوم السبت عن «أننا تلقينا تحذيرات من منظمة (الفاو) باحتمال دخول المزيد من أسراب الجراد إلى داخل الأراضي اللبنانية، بمثابة (ناقوس خطر) إضافياً»، حيث أن الكارثة قد تسبق الجميع بحال أي تلكؤ عن المتابعة الحثيثة وتتَبُّع حركة الجَراد، رغم استبعاد العلم أن يجتاح «الصحراوي» منه لبنان ويسبب أضراراً كبيرة في المزروعات، لعدة أسباب يشرحها لـ «الراي» الخبراء من دون أن يُسْقِطوا أن خطر وصوله يبقى وارداً.

ويقول الاختصاصي في علم الأرصاد الجوية إيلي سعادة «إن الجراد في لبنان اليوم محدود جداً ولا يزال محصوراً في بعض المناطق الحدودية، وعموماً وصوله إلى لبنان يكون من باب الاستثناء، إذ يصل إليه إذا كانت الموجة في الدول المجاورة كبيرة وخارجة عن السيطرة، وكذلك إذا هربت من أعمال المكافحة في دول الجوار. والجراد الصحراوي عادة يدخل الى لبنان من المنفذ الشرقي أي من مناطق الهرمل وعرسال والقاع وهي المناطق الحدودية المتاخمة لسورية. وغالباً ما يكون وصوله في موجات الحر والرياح الخمسينية الآتية من الشرق والصحراء السعودية التي يشهدها لبنان لفترة قصيرة يتغيّر بعدها الطقس بسرعة ويعود الى درجات حرارته المعتادة».

ويضيف سعادة: «الحرارة المعتدلة والهواء الغربي لا يساعدان في وصول الجراد الى السلسلة الغربية والمناطق الساحلية، ويبقى وجوده محصوراً في البقاع الشمالي الشرقي. أما إذا ظهر في مناطق أخرى فيكون على الأرجح بأعداد محدودة أو سرب فالت، ومن غير المرجح أن تجتاح أرتاله السهول الساحلية المزروعة أو المناطق الجبلية المكسوة بالخضرة».

وفي الواقع فإن الطقس الحار والجاف الذي شهده لبنان في الأسبوع الماضي وتجاوزت فيه الحرارة معدلاتها الموسمية هو ظاهرة معتادة تتكرر كل عام تقريباً في الموعد نفسه، أي بين أوائل وأواسط شهر أبريل، ثم تنحسر ويعود الطقس الى برودته الربيعية المعتادة التي يشتهر بها لبنان. وقد ساهم انحسار موجة الحر والانقلاب السريع في الطقس بالحد من إمكان اجتياح الجراد للمناطق اللبنانية «ولكن ما يجب الحذر منه هو انقلاب اتجاه الرياح وعودة الرياح الحارة من جديد».

استنفار القوى لمكافحة الجراد

من جهته يقول المهندس الزراعي مروان غوش لـ «الراي» إن ظاهرة الجراد الصحراوي لم تعد مخيفة كما كانت في السابق «إذ بات من الممكن اليوم مكافحتها بسهولة من خلال رش المبيدات التي تقضي على الجراد، وهي متوافرة بكميات كافية في لبنان تحت أسماء ومواد مختلفة ويمكن رشها بواسطة مروحيات الجيش اللبناني للقضاء بسرعة وفاعلية على أي اجتياح للجراد وقتْل بيوضه، كما يمكن للمزارعين رش المزروعات أرضاً بالمبيدات لمنع الجراد من الفتك بها. وسبق أن قدّمت منظمة (الفاو) للبنان، في بداية هذا العام جهازين لرشّ المبيدات اللازمة لمكافحة الجراد عبر البرّ بمواد صديقة للبيئة».

ولكن غوش لا ينكر أنه “يجب عدم الاستخفاف بهذه الظاهرة لأن الجراد متى تَكاثَر بكميات كبيرة ووصل الى أماكن مزروعة كحقول القمح مثلاً فإنه لا شك يسبّب للمزروعات ضرراً ويصبح القضاء عليه أصعب. ومعروف أن إناث الجراد الصحراوي تضع البيض على هيئة كتل في التربة الرملية على عمق 10الى15 سم تحت سطح الأرض. الإناث تضع ما بين 80 الى 150 بيضة بحسب نوعها في كيس البيض. ويمكن للإناث أن تضع البيض ثلاث مرات على الأقل في حياتها، وقد تم العثور على ما يصل إلى 1.000 كتلة بيض في متر مربع واحد في غضون نحو أسبوعين. ومن هنا تأتي ضرورة المراقبة المستمرة لتطور الوضع بغية الحفاظ على جهوزية تتيح القضاء على الجراد في المهد، فلبنان لا تنقصه أزمات إضافية تأكل من محصوله الغذائي”.

يُذكر أنه منذ العام 2018 تعاني منطقة شمال أفريقيا من مشكلة غزو الجراد لأراضيها في ظاهرة مستجدة بلغت تداعياتها جزيرة قبرص وبعض الساحل اللبناني، حيث ظهر في مدينة جبيل قبل عامين، ولكن تمت مكافحته بسرعة حيث وصل متعباً الى بيئة لا تناسبه. ولكن مع استمرار هذه الآفة في بلدان شمال أفريقيا وظهورها بشكل متكرر في البلدان المحيطة بلبنان من جهة الشرق يبقى الحذر واجباً و يبقى خوف اللبنانيين مبرراً من أن تضاف أزمة جديدة لتأكل من صحنهم.

- Advertisement -
- Advertisement -

قد يهمك أيضاً

- Advertisement -
مقالات ذات صلة

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الآن الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

مقالات قد تهمك

Translate »