من اشترى المودعين والانتخابات بـ 800 دولار؟

كتبت سابين عويس في” النهار”:

لم يكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ينهي وعده للمودعين من على منبر القصر الجمهوري بأن ودائعهم لم تتبخر، وهي موجودة لدى المصارف، وسيتم دفعها قريباً، حتى قرن قوله بالفعل، واضعاً المصارف امام مسؤولياتها في تأمين السيولة التي أودعتها لدى المصارف المراسلة في الخارج.
ففي اجتماع له ظهر امس، قرر المجلس المركزي بالإجماع الزام المصارف بتسديد ما قيمته 400 دولار شهريا اضافة الى ما يوازيها بالليرة اللبنانية للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الاول 2019، وكما أصبحت في آذار 2021، على ان يصدر لاحقاً تعميم يحدد دقائق تنفيذ القرار.

يأتي اجتماع المجلس المركزي وقراره غداة تسلم الحاكم اول من امس كتاباً من جمعية المصارف تبلغه فيه ان مجلس ادارة الجمعية الذي انعقد استثنائياً للبحث في موضوع السحوبات النقدية أكد بالإجماع “عدم قدرة المصارف على توفير اي مبالغ نقدية بالعملة الاجنبية مهما تدنت قيمتها”، كاشفة ان سيولة المصارف بالعملة الاجنبية لدى المراسلين “ما زالت سلبية بما يفوق المليار دولار، كما يتبين من إحصاءات مصرف لبنان حتى نهاية آذار 2021”.

وقال كتاب الجمعية إنما يؤكد ذلك “بوضوح التقرير الاخير للبنك الدولي عن لبنان، اضافة الى سائر المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الدولية، فضلا عن الالتزامات الاخرى بالعملة الاجنبية ومنها تلك المدرجة خارج يزانيات المصارف”.

واقترحت الجمعية في كتابها ان يتم تمويل السحوبات من خلال خفض الاحتياطي الإلزامي المتوجب على ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، علماً ان الاحتياطي الإلزامي يشكل أساساً ضمانة للمودعين ويتم اللجوء اليه في الازمات والحالات الطارئة القائمة حالياً في لبنان.

 

طلبت الجمعية من المركزي التريث بإصدار اي تعميم “يلزمها بالسحوبات النقدية بالعملة الاجنبية”، آملة ان يكون “جزءاً من مقترح قانون الكابيتول كونترول الذي يجري التداول به في المجلس النيابي”.

لم يستجب مصرف لبنان لطلب المصارف، بل عمد الى إصدار بيان عقب اجتماع مجلسه المركزي، بالدفع، على ان يستتبعه بالتعميم الذي يشرح الآلية، ما يطرح سؤالين أساسيين لا بد من الإجابة عليهما:

ما الذي دفع المركزي الى استعجال اتخاذ القرار وعدم الأخذ برأي المصارف؟

ماذا ستفعل المصارف وهل ستلتزم رغم اعترافها بعجزها عن ذلك، واذا لا، هل سيكون القطاع المصرفي امام عقوبات تصل الى حد سحب تراخيص مصرفية؟
للرد على السؤال الاول، تقول مصادر مواكبة للمسار المالي ان القرار جاء باقتراح من الحاكم الذي بات يشعر ان حملة الاستهداف المركزة عليه ستزيد سياسياً وقضائياً من خلال استغلال موضوع الودائع وتجييش المودعين ضده بما ينعكس سلباً على المؤسسة، ويمعن في إضعاف الثقة بالسلطة النقدية كما بالقطاع المصرفي الذي بات عاجزاً عن القيام بأي مبادرة إنقاذية لمؤسساته. في حسابات الحاكم كما تعتقد المصادر اكثر من هدف، فهو بقراره هذا، اعاد الكرة الى مرمى المصارف، التي قال ان الودائع لديها وليس في مصرف لبنان، كما تدعي، علما ان وجهة الودائع ليست في الواقع ضائعة او غير معروفة، وانما هي ببساطة واقعة في الفجوة المالية (للخسائر)، واذا وُجدت فبالليرة فقط (من خلال طبع العملة).

بالقرار هذا، سيخفف الحاكم الضغط على الاحتياط، بحيث ينتزع مليار و250 مليون دولار تقريباً منه سنوياً على مدى ثلاث سنوات، بدلاً من هدره على الدعم المموه الذي يغطي التهريب والاستغلال التجاري. لكن الاهم، انه سيرضي شريحة كبيرة من المودعين تفوق المليون عميل من اصحاب الودائع الصغيرة الذين سيستنفدون ودائعهم المصرفية من دون الاستمرار في الخضوع الى عمليات الاقتطاع التي وصلت الى 70 في المئة، نتيجة السحب على سعر 3900 ليرة لدولار يساوي 13 الف ليرة في السوق.

هذا الإرضاء او التعويض سيؤدي الى قفل الحسابات المرهقة لدى المصارف، ويخفف النقمة الشعبية، وكما سيخفف العبء على البطاقة التمويلية، بحيث يؤمن مدخولاً ثابتاً للمواطنين من اموالهم الخاصة، وسيؤدي كذلك الى تخفيف الضغط وأعمال المضاربة على العملة الوطنية.

اما في السياسة، فسيخدم القرار الحلقة السياسية الداعمة لسلامة في سحب الاحتقان الشعبي واستعادة تعاطف الناخبين!
على المقلب الآخر، لن تكون الصورة زاهية. فالمصارف ستكون امام خيارين لا ثالث لهما: اما الالتزام مرغمة، وإما التسليم بمندرجات قانون النقد والتسليف الذي سيلجأ المركزي الى تطبيقه، ولا سيما المادة 208 التي تجيز له إنزال العقوبات الادارية على المؤسسات الخاضعة لرقابته. فهذه المادة تنص على انه في حال خالف مصرف احكام قانون النقد والتسليف او التدابير التي يفرضها المصرف المركزي بمقتضى صلاحياته المستمدة من القانون، يحق للمصرف المركزي ان ينزل بالمصرف المخالف العقوبات الادارية التالية: التنبيه، خفض تسهيلات التسليفات المعطاة له او تعليقها، منعه من القيام ببعض العمليات او فرض تحديدات اخرى في ممارسة المهنة، تعيين مراقب او مدير موقت، شطبه من لائحة المصارف.

وبحسب الأجواء السائدة في المركزي، فهو لن يتوانى عن الذهاب نحو أقصى العقوبات، انطلاقاً من قرار اتخذ بتنقية القطاع وإعادة هيكلته. ولكن هل يملك المركزي ما يكفيه لسحب رخصة مصرفية؟ في رأي المصادر ان كل الامور واردة ولا تقتصر على التهويل، انطلاقاً من الحاجة الى اعادة تنشيط وتفعيل القطاع المصرفي ليقوم بدوره.

في الخلاصة، انها مرحلة عض الاصابع في انتظار من سيصرخ أولاً. فهل نضجت طبخة البحص دولارات طازجة تراوح بين 400 دولار بالعملة الخضراء و400 بالليرة بسعر المنصة، تقدم على مائدة المودعين اليوم، الناخبين غداً لمصلحة الرعاة السياسيين القيمين على هذا المشروع؟

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *