عشرة أشهر خطيرة… بحكومة وبلا حكومة

كتب أنطوان فرح في “الجمهورية”:

لا تبدو المؤشرات المتعلقة بتأليف الحكومة إيجابية حتى الآن. وهذا يدعو الى احتساب الظروف القاسية التي قد يمرّ فيها اللبنانيون في الفترة المقبلة. لكن القلق حيال البقاء بلا حكومة لا يعني انّ التأليف بداية الخلاص. هناك مخاض مالي واقتصادي قد يكون طويلاً، لكنه لن يبدأ قبل إجراء وظهور نتائج الانتخابات النيابية المقبلة.

الأشهر العشرة التي تفصلنا عن الموعد المبدئي للانتخابات النيابية المقبلة ستكون صعبة وثقيلة على اللبنانيين، سواء بوجود حكومة او من دونها. وقد أصبح واضحاً انّ الأزمات الحياتية ستصبح أشدّ خطورة، ليس بسبب عدم توفر الموارد المالية لدعم السلع الحيوية كالمحروقات والأدوية والمستلزمات الطبية فحسب، بل لأنّ لا وجود لخلية تدير الأزمة وفق المعطيات والقدرات المتوفرة. وعلى سبيل المثال، تعطّلت الاعمال وتكاد المؤسسات تقفل ابوابها قسراً بسبب عدم توفر المازوت، كذلك زحفت العتمة الى المنازل، وتتعرّض المستشفيات والافران لمخاطر النقص في المازوت، وبات المواطن يعيش في كابوس مرعب. ومع ذلك، المازوت موجود في السوق السوداء وبالأسعار السوداء، بما يؤكّد انّ المشكلة ليست فقط في القلّة التي وصلنا اليها، بل أيضاً في استمرار الغيبوبة على مستوى ادارة الأزمة.

هذه الغيبوبة قد تتراجع حدّتها قليلاً في حال تمّ تشكيل حكومة، وهذا هو الفارق الوحيد الذي قد نشهده على المستوى الاقتصادي. أما المعالجات المرتبطة اساساً بمعالجة جذور الأزمة، فهي لا تزال بعيدة، ولن تكون على يدي حكومة ستنحصر مهمتها في تقطيع الوقت وصولاً الى الانتخابات النيابية المقبلة.

 

حتى في مسألة سعر صرف الليرة، لن يُحدث تشكيل الحكومة، وكما يتوهم البعض، فارقاً شاسعاً، لكنه قد يحدُّ قليلاً من سرعة الانهيار المتوقّع لليرة في الفترة المقبلة. وكما حصل في البداية، قد تتأثر السوق الحرة بأي تطور سياسي ايجابي، لكنها لن تتأخّر في تصحيح مسارها، لتعكس في النتيجة الوضع المالي والاقتصادي الحقيقي المهترئ.

 

يبقى انّ الاستحقاقات الصعبة ستبقى قائمة بعد الانتخابات، وبصرف النظر عن النتائج، لأنّها المرحلة التي قد يبدأ معها مسار الحوار الداخلي (بين القوى السياسية) والخارجي (مع صندوق النقد والمجتمع الدولي) لتحديد معالم خطة الإنقاذ، والتي ينبغي ان تستند الى رؤية واضحة في شأن الوظيفة الاقتصادية التي سيختارها لبنان لنفسه، ليُبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة الى خطة الانقاذ. وهذا يعني انّه لن يكون متاحاً التوافق على خطة موحّدة، اذا لم تتوحّد المواقف حيال اختيار الوظيفة الاقتصادية. وسيكون السؤال الاول البديهي: هل لا يزال لبنان قادراً وصالحاً ليلعب دور مصرف المنطقة، والرائد في تقديم الخدمات المالية؟ وهل لا تزال بنية الاقتصاد تسمح بالانطلاق بتوزيع النسب وفق ما كان عليه الوضع قبل الأزمة؟ أي أن تبقى حصة الاسد في الاقتصاد الوطني لقطاع الخدمات، ومن ثم القطاع السياحي فالصناعة ثم الزراعة…

ليست الاجابات عن هذه الاسئلة، هي المهمة الأصعب في هذا الملف، بل تكمن الصعوبة في الوصول الى قاسم مشترك يسمح بالاتفاق على وظيفة اقتصادية مناسبة. والمشكلة هنا، انّ الحوارات لن تكون بمثابة صراع فكري حول نظريات اقتصادية معتمدة في العالم، بل سيكون صراعاً ايديولوجياً يرتبط بمشاريع كل طرف سياسي في نظرته الى هوية لبنان وتموضعه في صراعات المنطقة.

 

وبالمناسبة، تزخر تجارب الدول بنماذج اقتصادية تؤكّد في مجملها ان لا وجود لخطط تصلح لكل الدول، بل انّ القواسم المشتركة تنحصر في الحوكمة والشفافية والمناخ السياسي الملائم، بالاضافة الى التسهيلات الادارية المطلوبة. وخارج هذا الاطار، لكل دولة معطياتها وظروفها، والتي على أساسها تعتمد وظيفتها الاقتصادية. وعلى سبيل المثال، لا الحصر ولا التشبيه، اختارت دولة اللوكسمبورغ في اوروبا ان تكون مركزاً مالياً متطوراً، وان تستند في نموها الاقتصادي على الصناعة المصرفية. وأدّى ذلك الى تحولها الى أغنى دولة في الاتحاد الاوروبي وفق مقياس دخل الفرد. وقد وصلت نسبة الدخل الوطني (GDP) للفرد (PER CAPITA) الى 125 الف دولار.

 

في المعطيات الحالية، مشكلة لبنان، وفي حال بقيت الظروف الاقليمية على حالها، انه لن يكون قادراً على اختيار وظيفة اقتصادية تناسب موقعه ومعطياته وقدرات شعبه، بل من المرجّح ان تجري تسوية (compromise) على الطريقة اللبنانية المعتمدة، بحيث ستبقى وظيفة البلد الاقتصادية مُبهمة، وهنا تكمن المشكلة في المستقبل، اذا وصلنا الى هذه المرحلة.

الجمهورية

عن Majd Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *