انقضت السنة وقُضي على التدقيق

في 29/12/2020 أقر مجلس النواب القانون رقم 200/2020 القاضي بتعليق السرية المصرفية لمدة عام، إفساحاً في المجال أمام الشركة الموكلة بالتدقيق الجنائي منذ تموز 2020 الحصول على المعلومات المطلوبة. وعلى الرغم من ذلك، ضاعت الأشهر التسعة الأولى من العام 2021 بين ادعاء المركزي تعاونه مع الشركة وتسليم كامل المستندات من جهة، وإصرار “ألفاريز” على عدم كفاية المعلومات للبدء بالتدقيق وتعليق المهام. وفي 17 أيلول الفائت عدّل العقد الموقع مع الشركة وقضى بتسليم مصرف لبنان المعلومات التي سبق أن رفض تسليمها في العقد السابق، على ان تصدر تقريرها الأولي بعد 12 أسبوعاً من بدء عملية التدقيق، أي قبل نهاية العام. وهذا ما لم يحصل.

أسئلة كثيرة تطرح عن انعكاس انتهاء مفعول القانون 200/2020 على عملية التدقيق. أولها إن كانت الشركة تستطيع الاستفادة بعد هذا التاريخ من المعلومات التي سبق ورُفعت عنها السرية أم لا؟

مصدر حقوقي يعتبر أن “كامل المعلومات التي حصلت عليها الشركة إبّان مرحلة رفع السرية المصرفية يمكن لها استخدامها في تقريرها. لكن المشكلة لا تكمن في المعلومات إنما في قطبتين مخفيتين في العقد:

الأولى، أن التقرير يبقى سرياً ولا يمكن نشره.

الثانية، أن الشركة لا تستطيع استخدام المعلومات أمام المحاكم. ما يعني أن التقرير الذي سيصدر في النهاية عن الشركة لا يعدو كونه سوى مؤشر عام “يهدي” الدولة إلى أماكن الخلل والمخلين، لكنه لا يصلح للإدعاء على المرتكبين والمخالفين أمام القضاء. وإن قررت الدولة الملاحقة القانونية استناداً إلى المعلومات الواردة في التقرير، فعليها الإدعاء أمام المحاكم المختصة لتبدأ الأخيرة رحلة جديدة في التدقيق والملاحقة. ما يعني العودة إلى نقطة الصفر وتضييع المزيد من الوقت. إنطلاقاً من هذه الوقائع تعتبر المصادر أن “التدقيق الجنائي لا يتعدى كونه طبخة بحص بمكونات كلفتها 2.7 مليون دولار. وهو مشروع شعبوي غير قابل للحياة”.

بحسب الكتاب الأخير الذي أودعه مصرف لبنان وزارة المالية في تاريخ 6 كانون الأول الحالي، كرد على ادعاءات الشركة عدم تسلمها المعلومات المطلوبة يتبين بوضوح أن المشكلة ما زالت عالقة في 4 نقاط رئيسية وهي:

– إنتظار تزويد الشركة بالمزيد من بيانات المعاملات والحسابات المستخرجة من النظام المصرفي الأساسي.

– عدم تسليم تفاصيل حركة حسابات موظفي مصرف لبنان عن السنوات الخمس الأخيرة.

– عدم تقديم محاضر اجتماعات المجلس المركزي لمصرف لبنان عن السنوات الخمس الأخيرة.

– رفض تقديم البيانات العائدة للعام 2015.

باستثناء النقطة الأخيرة التي تتناقض مع العقد الموقع في أيلول 2021 والذي يشمل كشف حسابات السنوات الخمس الأخيرة فقط، أي فعلياً منذ العام 2016 وليس 2015، فان انتهاء مفعول قانون تعليق السرية المصرفية يعني استحالة الحصول على بقية المعلومات المطلوبة. ما يعني أن “المركزي نجح مرة جديدة من بعد تجديد العقد في أيلول الفائت في تضييع الوقت لمنع تسليم الملفات وعرقلة التدقيق”، برأي المحامي والباحث الاقتصادي أديب طعمة، و”هي عرقلة تأتي من ضمن الاستراتيجية نفسها التي اعتمدها المركزي منذ إقرار قانون تعليق العمل بالسرية المصرفية نهاية العام الماضي”. وبحسب طعمة فان “التدقيق الجنائي يعتبر بعين الدول المانحة أحد الشروط الاصلاحية الاساسية المطلوب تنفيذها لتقديم المساعدة. واذا ما أضيف الفشل في هذا الملف إلى عدم القدرة على تحقيق أي تقدم وإنجاز يذكر في بقية الملفات الاصلاحية، فان مساعدة لبنان على تجاوز الأزمة تصبح في “خبر كان”، ويضيع المزيد من السنوات في الفشل وإهدار الوقت والمزيد من التراجع”. وبحسب طعمة فان “كل الاصلاحات في كفة وهموم المنظومة في كفة أخرى. فالأخيرة لا همّ لها إلا تذويب الودائع لتصفية حساباتهم وانقاذ شركائها في الأزمة، بعيداً عن مآسي المواطنين ومعاناتهم”.

قبل نحو 22 يوماً على انتهاء مفعول القانون 200/2020، وتحديداً في 7 كانون الأول الحالي، عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة تشريعية وضع على جدول أعمالها 36 مقترحاً. من ضمن هذه المقترحات كان اقتراح معجل مكرر من نواب تكتل “الجمهورية القوية” لتمديد العمل بقانون رفع السرية المصرفية لاغراض التدقيق الجنائي حتى انتهاء الشركة من أعمالها. إلا أن الهيئة العامة أسقطت صفة العجلة عن الاقتراح محولة إياه إلى اللجان المختصة للدرس. وذلك على الرغم من توفّر الأكثرية المؤيّدة لصفة العجلة بوضوح داخل القاعة بحسب ما نقل عن المجتمعين وقتها. إلا أن رئيس المجلس اعتبر أن الأغلبية الموافقة غير متوفرة، وأعلن سقوط صفة العجلة عنه بعد لحظات على رفع الأيدي بدون أي تدقيق إضافي. و”هذا ما كان منتظراً من منظومة مطلوب منها التدقيق في نفسها”، بحسب الخبير الاقتصادي د. وليد أبوسليمان، و”غداً ستُستخدم عودة السرية المصرفية كذريعة للامتناع عن تقديم العالق من الملفات، وبالتالي إجبار شركة التدقيق “ألفاريز آند مارسال” على الانسحاب”.

من دون أن ننسى أن مجلس النواب اتخذ قراراً في جلسته المنعقدة في 27/11/2020، جواباً على رسالة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، والذي نص على أن “تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي، للتحقيق الجنائي من دون أي عائق أو تذرّع بسرية مصرفية أو خلافها”. وبرأي أبو سليمان فان “نسف التدقيق الجنائي من قبل المنظومة هو ضرب لأحد أهم المبادئ الاصلاحية المطلوبة والتي تتمثل بتوزيع الخسائر والمحاسبة والشفافية. فمن دون تدقيق شفاف لا يمكن تحديد كيفية توزيع الخسائر وكيف صرفت الأموال. وعليه سيكون إفشال التحقيق عائقاً أمام أي اتفاق مستقبلي مع صندوق النقد الدولي، مثله مثل تقصد عدم إقرار “الكابيتال كونترول” في الوقت المناسب وبقية الاصلاحات.

مع توقيع وزير الداخلية والبلديات مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات النيابية في أيار المقبل، واذا لم يتم فتح دورة استثنائية فان النواب سيتفرغون قبل شهرين على الأقل من الموعد المحدد للحملات الانتخابية. ما يجعل من إمكانية تمديد العمل بقانون رفع السرية المصرفية مهمة شبه مستحيلة ويعدم الأمل بأي تدقيق جنائي.

ينتهي غداً مفعول قانون «تعليق العمل بأحكام قانون سرية المصارف»، والتدقيق الجنائي لا يزال معلقاً على «حبال هواء» مصرف لبنان. 365 يوماً بنهاراتها ولياليها في «جنة» الحسابات المفتوحة على «مصراعيها» ولم تذق Alvarez & Marsal «عسل» المعلومات والمستندات التي تسمح لها باتمام المهمة.

Ch23

عن Majd Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *