997 Supermarkett
997 Supermarkett

الضرائب على الاستهلاك…الطريق الأسهل للتعامل مع الأزمة

ما كان واضحاً في مشروع قانون موازنة 2022 أنه يهدف إلى خفض الاستهلاك عبر فرض الضرائب. من شأن ذلك أن يصحّح أرقام الحسابات الخارجية المتمثّلة بميزان المدفوعات. وهو سلوك لا يمكن تفسيره إلا بأنه يخدم أصحاب رؤوس الأموال على حساب الفئات الإجتماعية المهمّشة، ويرضي في الوقت نفسه صندوق النقد الدولي. ففي سبيل هذا التصحيح، لا تعطي الموازنة أهمية كبيرة للإنفاق على القطاعات المنتجة، لا من خلال ميزانيات وزارتي الزراعة والصناعة، أو بدعم القروض الاستثمارية في القطاعين. علماً بأن خفض الاستهلاك وانعدام الاستثمار يؤدّيان إلى مزيد من التقلّص في الناتج المحلّي اللبناني. هذه السياسة المالية هي عكس ما تقوم به الدول عادة خلال الأزمات المشابهة التي تفرض التوسّع في الموازنة وتغليب الإنفاق الإستثماري بغية تحفيز الاقتصاد.

تظهر أرقام مشروع موازنة 2022 أن التركيز الأكبر للإيرادات يقوم على الضرائب التي تمثّل نحو 85% من مجمل الإيرادات مقارنة مع 77% في موازنة 2021. والحصّة الأكبر من الضرائب المقترحة تطال السلع والخدمات عبر ضريبة القيمة المضافة، والرسوم الجمركية على الاستيراد. فقد ازدادت الضرائب على السلع والخدمات، وهي جزء من الضريبة على الاستهلاك، بنحو 424% مقارنة بموازنة 2021، وزادت الضرائب على الأملاك المبنية بنسبة 217%، والضرائب على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال بنسبة 20%.

زيادة الإيرادات عبر الضرائب على الاستهلاك بات يمثّل 80% من الناتج المحلّي اللبناني. وكنتيجة تلقائية لهذه الزيادة، سيتقلّص حجم الاستهلاك، ومعه سيتقلّص الناتج المحلّي الذي يتكوّن من: الاستهلاك، الاستثمارات الخاصّة، الاستثمارات العامّة، وصافي الصادرات (أي الفرق بين الصادرات والواردات). ومع تقلّص حجم الاستهلاك من دون إجراءات تعزّز العناصر الأخرى، ستكون النتيجة الحتمية انكماشاً اقتصادياً إضافياً.

يهدف تقليص الاستهلاك إلى تحسين أرقام الحسابات الخارجية، أي حسابات تدفّق النقد الأجنبي من الخارج واليه. ولأن معظم الاستهلاك اللبناني مستورد، فإن مفاعيل الخفض تظهر مباشرة في عجز الميزان التجاري ومنه إلى عجز الحساب الجاري الذي يختزل صافي التدفقات بالعملات الأجنبية الداخلة (الفرق بين ما دخل وما خرج) إلى البلد، والناجمة بشكل أساسي من عمليات استيراد وتصدير السلع والخدمات والتحويلات المالية الجارية (تحويلات العمال والدخل وغيرها). هذا الحساب يعاني من عجز مزمن منذ عام 2011.

لا تأخذ الموازنة بالاعتبار الضريبة القهرية التي فرضت على لبنان واسمها ضريبة التضخّم التي تحمّلها كل المقيمين في لبنان وأدّت إلى خفض عجز في الحساب الجاري. بل يبدو أن الحكومة تعتزم إكمال هذا المسار في تحميل كل طبقات المجتمع نتائج الأزمة بشكل ظالم.

ويأتي هذا «التصحيح» في أرقام الحساب الجاري كوسيلة لإثبات «أهلية» لبنان لتلقّي التمويل الزهيد من صندوق النقد. فلم ترسم الحكومة خطّة لتحفيز الإنتاج المحلّي بهدف خفض العجز في الحساب الجاري. فاتباع استراتيجية كهذه، أي الإنتاج الهادف إلى إيجاد أسواق خارجية، أو استراتيجية إنتاج بهدف استبدال الاستيراد، وهو إنتاج يهدف لاستبدال السلع المستوردة بسلع مصنعة محلياً، سيؤدي الغرض نفسه في عملية التصحيح المطلوبة. بدلاً من ذلك، عمدت الحكومة إلى الخيار الأسهل عبر زيادة الأسعار بشكل مفرط.

ينبع الثقل الأكبر من الإيرادات الضريبية من زيادة الضرائب على الاستهلاك. في المقابل لا تأخذ الضرائب على الأملاك والدخل والأرباح ورؤوس الأموال حيزاً كافياً. إذ يمكن جعلها تصاعدية، ليكون العبء الضريبي على أصحاب الدخل والأملاك ورؤوس الأموال الكبيرة أكبر من الملقى على صغار الملاكين والأجراء والعمال. بمعنى آخر، لم تهدف الموازنة إلى إعادة توزيع الموارد في الاقتصاد، سواء بين المناطق أو بين القطاعات أو بين الطبقات الاجتماعية. والمعروف أن الضرائب على الاستهلاك لا تنتج إعادة توزيعٍ عادلة للموارد، بل قد تؤدي إلى إعادة توزيع عكسية لنقل الموارد من الفئات المهمشة إلى الفئات المحظية.

ومن غير المنطقي، مثلاً، زيادة الضريبة على أرباح كل الشركات خلال أزمة اقتصادية. إذ يمكن استخدام هذه الضريبة لتحفيز الاقتصاد من خلال إعفاءات لشركات بعض القطاعات التي تسهم في الإنتاج الفعلي، في مقابل زيادة الضرائب على المؤسّسات في القطاعات التي استفادت من النظام الريعي في السنوات الماضية. وهكذا هي الحال مع الضريبة على الأملاك، لا سيما الأملاك البحرية التي لا تتم جباتها حتى، وهي مكمن أساسي لإعادة توزيع الموارد.

يأتي الانعكاس الأهم للسياسات الضريبيّة التي تصب في زيادة اللامساواة في توزيع الموارد، على حساب استهلاك الطبقات المهمّشة، بحسب «النظرية العامة» للاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز. وأثبتت الأزمات الأخيرة، لا سيما أزمة كورونا، أن الدول الرأسمالية التي تحوّلت إلى النيوليبرالية في منتصف الستينيات، لم تتمكن من تخطّي سياسات كينز، خصوصاً خلال الأزمات. فقد سيطرت السياسات المالية التوسّعية على قرارات الحكومات الرأسمالية، في محاولة إعادة الاستقرار. وكان كينز من المدافعين عن استثمار الدولة في الاقتصاد بهدف تفعيل الطلب الاستهلاكي. في الحالة اللبنانية، قد لا يكون تحفيز الاستهلاك هو الحلّ بسبب الاختلال البنيوي في الإنتاج، لكن تقليصه ليس حلّاً أيضاً. فتحفيز الاستهلاك من خلال عدم رفع الضرائب عليه، وتحفيز الاستثمارات، وبالتالي زيادة الانتاج، أفضل سبيل لتنشيط الاقتصاد، حتى لو أن الأمر يعني استثمارات من العملات الأجنبية التي يحتفظ فيها مصرف لبنان.
عملياً، لا يمكن النظر إلى السياسة المالية بوصفها عصا سحرية لحلّ الأزمة. لأن وضع حدّ لأزمة القطاع المصرفي وتسوية أوضاعه، هو أمر أساسي لتنشيط الاقتصاد. وتأتي معها خطوات أخرى مثل تحديد ما سيحدث بالنسبة للديون الخارجية من شطب أو إعادة هيكلة أو أي من الأمور المطروحة. لكن من المهم، في مرحلة التعافي، أن تأتي الموازنة المطروحة في مسار يدلّ على أن الحكومة حدّدت وجهتها الاقتصادية. فللموازنة أهمية بالغة أيضاً في تطبيق السياسات الاقتصادية التي تعتزم أي حكومة القيام بها. إلا أن ما ظهر في مشروع الموازنة الأخير لا يدلّ على أن الحكومة ذاهبة في اتجاه اتخاذ خطوات تعافٍ، بل يدل فقط على «تجميل» الأرقام للحصول على رضا صندوق النقد.

Ch23

عن Majd Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تحديث سعر صرف الدولار اليوم

سعر صرف الدولار الآن اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة التحديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *