20225222364252637888576020528921 780x470 1
20225222364252637888576020528921 780x470 1

بالأرقام : لا نهاية قريبة لتسارع التضخّم

في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية، كان سعر الصرف شبه مثبّت، إلا أنّ الأسعار لم تتوقف عن الارتفاع وسجّلت ازدياداً بنسبة 19%. طبعاً كان التضخّم أقلّ حدّة وأضعف وطأة في البلدان التي لا تعتمد في استهلاكها بنسبة كبيرة على الخارج، خلافاً لما هي عليه الحال في لبنان حيث 85% من سلّة الاستهلاك مستوردة. ورغم أنّ غالبية مصدر هذا التضخّم في لبنان خلال الفترة المذكورة، هو من الخارج، إلا أن هذا الارتفاع في الأسعار يأتي وسط أزمة إفلاس محلية غير مسبوقة تاريخياً في لبنان صنّفت بأنها ضمن ثلاث أسوأ أزمات في العالم، ويأتي أيضاً وسط أزمة محلية محورها اليوم الاعتراف بالخسائر وتوزيعها وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي والخضوع لشروطه المسبقة واللاحقة.

«أي اقتصاد نريد؟» هو النقاش المغلق في لبنان. هو النقاش الذي لا زالت الخطط التي أطلق عليها زوراً اسم «تعافي» تفرضه على الجميع. فهل نريد أن يبقى الاقتصاد مكشوفاً على صدمات الخارج بنسبة بالغة. فعلى سبيل المثال، يستورد لبنان المنتجات النفطية بشكل مفرط، ولم يتمكن من تقليص وارداته منها بشكل كبير، لأن كل عمليات إنتاج الطاقة الكهربائية وسائر الصناعات، والنقل الفردي والتجاري يعتمد بشكل أساسي على الاستيراد. فتصميم البنية التحتية للبنان أهمل أن تكون عملية تطويرها مجدية اقتصادياً واجتماعياً بسبب النموذج الاقتصادي الذي يعزّز الاستهلاك والرّيع. كل ذلك أتى بعنوان رُوّج له عن «بلد الخدمات». وهذه الخدمات تتطلب الاعتماد على السيارة، والاعتماد على الفيول في إنتاج الكهرباء، أو على مولدات الأحياء التي تعمل بواسطة المازوت… ثمة حلقة واسعة من الاعتماد الكلي على الاستيراد خلقها هذا النموذج من دون هدف واضح أو من دون مبرّر اقتصادي واجتماعي واضح.

وقد أتت النتيجة على شكل أزمة تاريخية سحبت معها غالبية اللبنانيين نحو الفقر والهجرة. أزمة استمرّت منذ أكثر من سنتين ولم تنته بعد، أو بالأحرى لم تتوقف مفاعيلها بعد كل هذه الفترة. إذ إن كل ما فعلته القوى الحاكمة، يُختصر بإعداد خطتَين للمعالجة تعتمدان على مبدأ الإقرار بالخسائر وتوزيعها ومعالجتها بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ليس مهماً في نظرهم أن تتم عملية التوزيع بالشكل الذي يتناسب مع قدرات المجتمع، وبهدف خلق إطار جديد لنموذج اقتصادي مختلف لا يعتمد على الخارج، ويقلّص تبعية الاقتصاد اللبناني للخارج. لذا، كان الأهم دائماً هو استعادة القدرة على إعادة إنتاج النموذج نفسه، أي القائم على التبعية للخارج في كل ما يقوم به، وأن يكون ذو طابع ريعي – مالي يعتمد بصورة مفرطة على قطاع الوساطة المالية. من أبرز الدلالات على ذلك اسم الخطّة الأخيرة التي أُعدّت: «استراتيجية النهوض بالقطاع المالي». فالقطاع المالي، بما يمثّله من مصرف مركزي، ومصارف تجارية، ومؤسسات مالية أخرى تعمل في الأسواق المالية المحلية والعالمية، هو الهدف الوحيد للنهوض.

ووفق هذه النظرة، سائر القطاعات التي يُفترض أن يصيبها «نهوض»، ستأتي عبر القطاع المالي الذي يُفترض أن يعمّ خيره على الجميع. الآن هذا القطاع في حالة أزمة تستدعي من لبنان اللجوء إلى صندوق النقد الدولي من أجل العودة إلى الأسواق المالية الخارجية للاستدانة، أي من أجل استعادة ثقة الخارج فينا واستعادة قناة التبعية للخارج، يفترض أن نقوم بهذه العلاقة مع الصندوق.
على أي حال، إن الأزمة التي نشأت حول العالم منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، لم تصب لبنان فحسب، بل أصابت كل العالم من خلال ثلاث قنوات أساسية: أسعار الغذاء بسبب تقلّص المحاصيل ولا سيما القمح في روسيا وأوكرانيا، أسعار النقل والشحن بسبب صعوبات النقل وأكلاف التأمين التي تضاعفت بسبب المخاوف الأمنية من النقل البحري، أسعار النفط والغاز لأن روسيا هي أكبر منتج غاز في العالم وواحدة من أكبر مصدّري النفط حول العالم أيضاً.

لكن هل يتحمّل لبنان هذه الأكلاف المتواصلة إلى جانب أزمة الإفلاس؟ حتى الآن، ارتفعت الأسعار المحلية في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية بنسبة 19%، وقد أتى ذلك رغم ضخّ نحو ملياري دولار في السوق وشبه تثبيت لسعر الصرف. لكن يبدو أن الأزمة الخارجية مستمرّة وقد تؤدي إلى ركود تضخمي عالمي، والأزمة المحلية متواصلة أيضاً في ظل غياب المعالجة وهي أدّت إلى ركود تضخمي إلى فترات قصيرة من التضخّم المفرط… لكن مع توقف ضخّ الدولارات، ومع تصاعد حدّة التوتّر السياسي المرتبط بتشكيل مجلس النواب والحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، يبدو أنه مسار التضخّم نحو التضخّم المرتفع أو التضخّم المفرط، مقلق للغاية في ظل وجود أزمتين في وقت واحد، ما سيترجم في زيادة معدلات الفقر والهجرة وفي تردي نوعية الطبابة والتعليم، وفي صعوبة توافر الغذاء والحصول عليه وتوزيعه… عملياً، كل ذلك سيُترجم في سعر صرف الدولار في السوق الذي يمثّل المؤشّر الحيوي لكل تداخلات الاقتصاد بين الخارج والداخل ومع التطورات السياسية.

المصدر: الأخبار

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تعميم 1000 دولار يدخل حيز التنفيذ: الصيارفة يواجهون تحديات تطبيق “اعرف عميلك” وتحديث البرامج

مقدمة: تطبيق تعميم مصرف لبنان على المؤسسات المالية غير المصرفية دخل تعميم مصرف لبنان (BdL) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *