temp 137511jpg 520017 780x470 1
temp 137511jpg 520017 780x470 1

زيادة الضرائب في زمن الانهيار “حكم مؤبد” على الاقتصاد بالانكماش

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

إقفال أبواب الاستدانة الداخلية والخارجية، ووقف الاعتماد على «المركزي» لتمويل عجز الموازنة بـ»عملياته المالية غير التقليدية»، دفع الحكومة إلى النكش في جيوب المكلفين. فالزيادات الهائلة المقرة والمنتظرة على الرواتب والاجور وبقية المتطلبات الاصلاحية، ستمول بحسب «خطة التعافي» من الضرائب والرسوم. باختصار، ما ستعطيه الدولة بيمينها ستأخذه أضعافاً مضاعفة بيسارها.

ستركز تدابير السياسة الضريبية بحسب الخطة المقرة في مجلس الوزراء على توسعة القاعدة الضريبية وزيادة الرسوم تدريجياً، بما فيها: زيادة معدلات الضريبة الانتقائية على المشروبات الكحولية والمشروبات السكَّرية وأصناف من السيارات. الزيادة التدريجية للنسبة القانونية لضريبة القيمة المضافة من 11 إلى 15 في المائة على مدى عامين. تعزيز ضريبة العقارات والممتلكات المبنية.

العدالة الضريبية مفقودة

قبل المجادلة بالآثار السلبية لزيادة الضراب في مرحلة الانكماش الاقتصادي، والاثبات بالارقام من تجربتنا الذاتية أن رفع الضرائب يؤدي إلى تقليص الوعاء الضريبي، فان هذه الضرائب تفتقد للعنصر الاهم في فلسفتها وهو: العدالة. فبعظمها ضرائب غير مباشرة، كضريبة القيمة المضافة التي تساوي بين الاثرياء والاشد فقراً، وجميعها تفرض على الاقتصاد الشرعي الملتزم والمؤمن بقيام الدولة. فالاقتصاد الموازي يرتبط بعلاقة طردية مع زيادة الضرائب، فـ”كلما ارتفعت الاخيرة كلما نمت وتوسعت القطاعات غير الشرعية”، بحسب رئيس تجمّع سيدات ورجال الأعمال اللبنانيين (RDCL) نيكولا أبو خاطر، و”ذلك طبقاً للقول الفرنسي “Trop d’impôt tue l’impôt”، الذي يترجم “الكثير من الضرائب يقتل الضرائب”.

فالمؤسسات الشرعية والمواطن الصالح اللذان أصبحا يشكلان الاقلية، لم يعد بمقدورهما تمويل متطلبات الدولة المتزايدة. وقد جُرّب هذا النظام لمدة 30 عاماً وأثبت فشله. حيث ارتفعت معدلات التهرب الجمركي والضريبي وزاد عدد المواطنين والمؤسسات الذين لا يسددون أبسط فواتيرهم الشهرية كالكهرباء، مع كل زيادة كانت تلحق بالضرائب. ولا سيما أن هذه الزيادات لم تترافق مع إصلاحات بنيوية في بنية الدولة المالية، ولم يتم التشدد بملاحقة المتهربين منها. ورغم تجريب المجرب، فما زالت الحكومة مصرة، بحسب أبو خاطر، على اعتماد النهج نفسه الذي أثبت فشله، و”قد وصلنا إلى مرحلة فقدنا فيها القدرة على إعادة النهوض عبر الاعتماد على تمويل القطاعات الشرعية لبلد منهوب”.

تنامي اقتصاد الظل

تشير تقديرات الامم المتحدة إلى أن “التهرب الضريبي فاق 30 في المئة في عام 2018”. ومن المتوقع بحسب التطورات أن تكون هذه النسبة ارتفعت إلى أكثر من 50 في المئة بعد بدء الانهيار في نهاية العام 2019. ما يعني عملياً، أن هناك 10 مليارات دولار تنتج ولا تدفع عليها أي رسوم أو ضرائب إذا افترضنا أن الناتج بلغ 21 مليار دولار. وبدلاً من أن يكون التركيز على مكافحة الاقتصاد الموازي لزيادة الايرادات، تتحدى الدولة “منحى لافر” الذي يظهر أن زيادة الضرائب بشكل غير منطقي وفوق “سقف التحصيل الاقصى” يؤدي إلى تراجع الايرادات وليس زيادتها”، بحسب الباحث الاقتصادي والقانوني في المعهد اللبناني لدراسات السوق كارابيد فكراجيان؛ وهذا يعود لسببين:

الاول، تراجع نسبة الاستثمارات وأعداد المكلّفين. حيث تؤدي هذه الزيادات إلى عدم قدرة المؤسسات على الاستمرار وبالتالي تدفعها إلى الاقفال.

الثاني، زيادة التهرب الضريبي والجمركي والتحول إلى اقتصاد الظل.

عدم الجدوى من زيادة الضرائب

من الواضح أن التوجه لزيادة الضرائب أثبت فشله، وقد أظهرت دراسة أعدها “المعهد” أن رفع الحكومة للضرائب في العام 2018 لزياداة الايرادات من 16.2 تريليون ليرة إلى حدود 18.7 تريليون ليرة، أدى إلى انخفاض الايرادات المحققة إلى 16.1 تريليون ليرة. وقد أعادت الحكومة الغلطة في العام 2019، حيث رفعت الضرائب من جديد فكانت النتيجة انخفاض الايرادات المحققة إلى 15.9 تريليون ليرة.

وعليه فان الضرائب المنوي فرضها في ظل أسوأ تضخم انكماشي قد يشهده بلد، تتجاوز “سقف التحصيل الاقصى” لـ”منحنى لافر”. ويكفي بحسب فكراجيان “انعكاسات فرق سعر الصرف لتصبح أي زيادة على الضرائب سلبية وليست إيجابية”. وبرأيه فان “الضرائب التي تعتزم الحكومة فرضها تنقسم إلى نوعين: الاول، على الارباح. والثاني هي ضرائب توجيهية بهدف تطبيق سياسة معينة، مثل الضريبة الجمركية. والاخيرة ستكون لها نتائج بالغة السلبية لانها لا ترفع فقط الفاتورة على المستهلك الفقير، إنما تمنع القطاعات الانتاجية من النمو، وتحرمها من القدرة على المنافسة في الاسواق الخارجية. ولا يعود من بعدها للحوافز المالية الاصطناعية التي تعطى لمؤسسات الانتاج بهدف تنشيطها أو حتى دعمها أي نفع. هذا عدا عن أن الضريبة المرتفعة على الافراد وقطاعات الانتاج سـتبعد المستثمرين، وتدفع بالمنتج اللبناني إلى الخروج من السوق باتجاه البلدان التي توفر بيئة أعمال سليمة”.

نظام ضرائبي تنازلي

المشكلة بالسياسة الضريبية في لبنان لا تتعلق بحجمها فقط إنما بنوعها. فلبنان يحتل المرتبة 117 من أصل 158 مرتبة في الضرائب التصاعدية، بحسب ما استنتج المقرر الخاص للامم المتحدة المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الانسان أوليفييه دي شوتر. فالنظام الضريبي التنازلي المعتمد يدفع الدولة لاستمداد جزء كبير من ايراداتها العامة من الضرائب غير المباشرة، ما يظهر مدى تحيز النظام الجبائي ضد الاشخاص ذوي الدخل المنخفض. وعليه يرى التقرير أن “رفع معدلات ضريبة القيمة المضافة في جميع المجالات أمر غير حكيم، لانه سيضر بشدة بأولئك الذين يعيشون في قاع الاقتصاد وسيزيد انكماش الطلب”.

الحل موجود

بدلاً من زيادة الضرائب يوصي تقرير الامم المتحدة لبنان باجراء إصلاح جبائي تصاعدي جدي في أطار خطة الانعاش الاقتصادي. خصوصاً انه لا يتم تحصيل سوى 11 في المئة من الايرادات الضريبية من خلال نظم تصاعدية. كما كان من الممكن تحصيل ما يقدر بـ12.8 مليار دولار بحلول عام 2020 لو تم فرض ضريبة على الثروة بنسبة 2 في المئة في عام 2010. وهذا طبعاً ما لم ولن يحصل.

صرخات قطاع الاعمال في الداخل بمكافحة التهرب الضريبي والجمركي، ومناجاة الخارج اعتماد نظام ضريبي عادل لا يرددهما إلا الصدى. فالحكومة في خطتها للتعافي تقر الزيادات على الضرائب مع التعهد بالاصلاح. وكما جرت العادة ستهمل الاخيرة، وتبقى الضرائب ترهق الطبقات الفقيرة بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام. لا سيما إذا ما أضيفت على الاجراءات النقدية التي تقضي بشطب نحو 70 مليار دولار من حقوق المودعين. وما على المواطنين إلا تعليق آمالهم على البرلمان لاسقاط الخطة وفرض شروط أكثر عدالة.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تعميم 1000 دولار يدخل حيز التنفيذ: الصيارفة يواجهون تحديات تطبيق “اعرف عميلك” وتحديث البرامج

مقدمة: تطبيق تعميم مصرف لبنان على المؤسسات المالية غير المصرفية دخل تعميم مصرف لبنان (BdL) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *