أظهر تقرير نشره البنك الدولي أن تحويلات اللبنانيين في الخارج قد بلغت 6،6 مليار دولاراً في العام 2021، ما جعل من لبنان في المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط في هذا الإطار، ما يعني أن المغترب هو السند الأساسي وباب الخلاص للبنان، ولتبيان دلالات وانعكاسات هذا الخبر على الواقع المالي اللبناني، سأل “ليبانون ديبايت” الباحث الإقتصادي جاسم عجاقة، الذي قال: إن هذه الأرقام تعني، وبكل بساطة، أن المغترب اللبناني قبل الأزمة الحالية، كان يساهم بما قيمته 9، 7 مليار دولار تحاويل مباشرة إلى المصارف اللبنانية، بموازاة 5، 7 مليار دولار أيضاً يصرفها في السياحة خلال الزيارات السنوية، وخلال الإجازة الصيفية في لبنان، أي أنه كان يساهم تقريباً بحدود 15 مليار دولارأ تحاويل إلى لبنان.
أما الآن، وبعد أزمة كورونا والتضخّم العالمي، ما زال المغترب يساهم في دعم لبنان من خلال التحويلات الدورية إلى ذويه، ولو أن هذا الرقم تراجع قليلاً في العام الماضي، علماً أن هذه التحاويل أساسية، وتساعد المواطنين على تحمّل أعباء الأزمات والإنهيار الخطير في العملة الوطنية، وجراء الأزمة المصرفية للأسف، فإن هذه الأموال لا تحوّل كلها عبر القطاع المصرفي منذ العام 2019، ولكن في المطلق، فإن اللبناني المغترب ما زال يدعم، وبشكل أكثر من مقبول، الإقتصاد من خلال التحويلات.
وعن تأثير هذه التحويلات في سدّ العجز في ضوء تراجع حجم الإستيراد إلى عشرة مليارات، أوضح عجاقة، أن عائدات التصدير تبقى في الخارج ولا تدخل إلى لبنان، وكل ما يدخل من دولارات اليوم إلى لبنان إلى جانب هذه التحويلات، هي الأموال التي تأتي إلى جمعيات وتنظيمات إنسانية ورواتب ومخصّصات اللبنانيين المقيمين الذين يعملون في شركات ومؤسسات ووسائل إعلام في الخارج. وبالتالي، فإن الرسالة الواضحة من المغترب إلى المسؤول اللبناني من وراء حجم التحويلات الكبير إلى لبنان، هي أنه لا يمكنه تجاهل عنصرٍ جوهري هو المواطن اللبناني، والمغترب الذي يشكّل المعادلة التي تفرض نفسها في الحل النهائي، وفي خطة الإنقاذ اللبناني، حيث أكد عجاقة، أن المغترب هو الرقم الصعب في المعادلة، وذلك من ناحية الودائع أولاً، والإستثمارات ثانياً، كونه سيكون الوحيد الذي سيقدم على الإستثمار في لبنان وليس الأجنبي.
وكشف عجاقة، عن توقّعات بزيارة نحو مليون و200 ألف مغترب لبنان هذا الصيف، وعن أن هؤلاء سيساهمون في إدخال ما بين مليارين و3 مليارات دولار، مع العلم أن المسؤولين، ورغم تنكّرهم لحقوق المغتربين وإهمالهم لهم، فهم ركضوا وراءهم عندما احتاجوا لأصواتهم خلال الإنتخابات النيابية، ولاحقاً أيضاً عندما يحتاجون إلى أموالهم ودعمهم عندما تبدأ عملية الخروج من الإنهيار.
ch23
