تبديد 269 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة

كتبت رلى إبراهيم في” الأخبار”:

في أيلول 2021 حوّل صندوق النقد الدولي إلى لبنان ما قيمته 1.139 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة، ومنذ ذلك الوقت تحاول حكومة نجيب ميقاتي تخفيف الأعباء عن مصرف لبنان عبر نقلها لتصبح على عاتق هذا المبلغ. في الظاهر كان الطرفان يزايدان على بعضهما بعضاً في حماية هذه الدولارات باعتبارها خطاً أحمر لا يجب المسّ بها من دون مشروع شامل ومتكامل أو مجدٍ، لكن الواقع هو أن الحكومة أنفقت نحو 269 مليون دولار منها على الاستهلاك، لا بل حلّت محلّ مصرف لبنان في الدعم العشوائي والاستنسابي الذي مارسه طوال الفترة الماضية.

بحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن المبالغ المستخدمة حتى الساعة من حقوق السحب الخاصة بلغت نحو 269 مليون دولار، أي ما يوازي 23.6% من مجموعها. وهي المبالغ موزّعة على النحو الآتي:
– 60 مليون دولار لتمويل جزء من عقود الصيانة الخاصة بمعامل الكهرباء ومستحقّات شركات مقدّمي الخدمات.

– 13 مليون دولار للأدوية المستعصية.
– 35 مليون دولار شهرياً لمدة 4 أشهر لدعم استيراد الدواء.
– 15 مليون دولار لقاء شراء كميات من القمح والطحين عن شهريّ شباط وآذار.
– 12 مليون دولار شهرياً لشراء القمح والطحين لشهرين مقبلين (على أن تتم إعادتهم فور موافقة البنك الدولي على قرض بقيمة 150 مليون دولار لشراء القمح).
– 6.5 مليون دولار لإزالة مواد كيماوية من منشآت النفط في طرابلس بواسطة شركة «كومبي ليفت» الألمانية ومن دون أيّ مناقصة.
– 10 مليون دولار لإجراء أعمال صيانة في مطار بيروت.
إنفاق هذه المبالغ أقرّ في مجلس الوزراء. لكن عيون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مركّزة على تبديد هذه الحقوق، إذ إنه استخدم 125 ألف دولار منها، بلا قرار من مجلس الوزراء لتغطية عقد التأمين على أنابيب الغاز. وتقول مصادر مسؤولة، إن سلامة عمد إلى إبلاغ وزارة المال باستخدامه هذا المبلغ. واللافت أن الوزارة تعاملت ببرود مع هذا التطاول على أموال لا يحقّ له التصرّف بها، فأبلغ الوزير يوسف الخليل رسالة رياض إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

ويشار إلى أنه عندما اتخذ قرار تخصيص 60 مليون دولار من حقوق السحب للكهرباء، تضمن نصّ القرار إشارة واضحة بوجوب إبلاغ مصرف لبنان عدم المسّ بأي دولار من هذه الأموال من دون العودة إلى الحكومة مجتمعة. لكن سلامة المشتبه به في عدة دول أجنبية بتهمة تبييض الأموال والاختلاس، لم يكترث في السنوات الثلاث السابقة لتبديد أكثر من 20 مليار دولار من احتياطي المصرف من دون أي خطّة أو هدف، بل استخدمها لتمويل الاستيراد والمضاربات على العملة عبر قنوات توزيعية لا يظهر منها سوى صيرفة، ومن دون أن يلتزم بمعايير الشفافية والإفصاح عن أرباحه أو خسائره الكبيرة من التداولات على هذه المنصّة. وها هو اليوم، يبدأ بصرف دولارات حقوق السحب بالطريقة نفسها.
على هذا المنوال، يهدر جزء آخر من الذخيرة الأخيرة المتبقية للبنان بالعملات الصعبة. فبدلاً من رسم خطّة واضحة لما يفترض القيام به بهذه العملات، أو تخصيص نسبة منها لفترة النهوض أو لمشاريع النهوض، فإنه يتم تبديدها على الاستيراد والدعم. وهو دعم يصبّ في غالبيته في جيوب الشركات الاحتكارية.

وكان النقاش سابقاً، مع وصول حقوق السحب هذه إلى لبنان وتحويلها من وحدات إلى دولارات، يركّز على أهداف استخدام هذا المبلغ، سواء لتمويل بطاقة الدعم للأسر الفقيرة، أو لتمويل إنشاء معامل إنتاج كهرباء، أو في مشاريع أخرى. لكن النقاش انتهى على أنه من الضروري التمهّل في هذا الأمر باعتبار أنها مسألة مالية حساسة. لكن الواضح أن قوى السلطة كانت تتمهّل من أجل استثمار هذه الأموال في قنوات التوزيع الفاسدة، إذ إنها بدأت تنفق منها من دون تحديد أولويات واضحة وتركت لكل وزير اقتراح إنفاقها وفق أولويات يحدّدها هو بلا أي تخطيط أو دراسة أو أفضليات.

الشامي ينفي قوله أن الخطّة تتضمن بيع الذهب لتسديد الودائع 

وكاد أن يكتمل المشهد مع تسريب جزء من كلام نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي حول احتمال بيع الذهب بقيمة تقديرية حالية تبلغ 18 مليار دولار لتسديد أموال المودعين، إلا أن الشامي نفى في اتصال مع «الأخبار» أن يكون تصريحه بهذا المعنى: «فقد سئلت عن الأصول الأجنبية لدى مصرف لبنان وأجبت بأن الذهب موجود ومقدّر بقيمة 18 مليار دولار، لكنني لم أشر من بعيد أو من قريب إلى بيع الذهب من أجل تسديد الودائع».
على أي حال، لا يخفى على أحد أن خيار بيع الذهب بات مطروحاً على الطاولة، سواء من أجل تسديد جزء من الودائع، أو من أجل تمويل رساميل المصارف، أو بسبب بلوغ الاحتياطات مستوى الصفر. المشكلة أن قوى السلطة وأحد أركانها الحاكم رياض سلامة، يسيرون في اتجاه تبديد الاحتياطات وحقوق السحب الخاصة، ما يعني أنه بعد فترة وجيزة لن يتبقى أمامهم سوى مخزون الذهب الذي ينظرون إليه باعتباره مبالغ مجانية يمكن ضخّها عبر قنوات التوزيع الفاسدة. في الواقع، هذا المخزون انتجته الأجيال الماضية للأجيال المقبلة ليكون ركيزة نهوض وازدهار اقتصادي، وهو ليس للتبذير.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *