الرواتب لا تكفي والإضراب لا يكفّي ولا يوفّي.. موظف الدولة: كيف يعيش؟

 

فقدت الدولة اللبنانية رأس مالها في كل القطاعات التابعة لها. ومع عدم القدرة على تصحيح الأجور، بشكل لا يزيد من مستوى التضخم، هي تواجه خطر إنتهاء دور القطاع العام، مهما كانت أسبابه الاقتصادية، وهذا يعني عدم قدرتها على تأمين الخدمات العامة. كيف ينعكس ذلك على المواطنين، وعلى الموظفين في القطاع العام؟ هذا ما ستجيب عليه «نداء الوطن» بعد أن عاينت أحوال موظفي هذه الإدارات، وبعضها في كسروان، المتن وجبيل.

يضرب شربل (المحامي في جونيه) موعداً مع موظف في المديرية العامة للشؤون العقارية، كي لا يكرر عبثاً محاولة تسجيل عقار طيلة الشهر، دون ان يصل الى نتيجة. الموعد ليس بسبب الزحمة، بل لحجتين، والنتيجة سيّان: غياب الموظف. واولى الحجج الاضراب والثانية تقسيم الدوامات بين الموظفين إما لغياب الأوراق أو لأي سبب يمكن أن يمنعهم عن العمل، فلا يحضرون. هكذا لا يحصل لا شربل على طلبه ولا سوزان التي تنتظر الحصول من ضمان جونية على تعويضاتها لثمن الادوية من الضمان، ليس لان الضمان لا يدفع، بل لغياب الموظف كذلك. يتكرر المشهد في كل إدارات الدولة فينتفض المواطن على الدولة التي تظهر بشكل موظفيها، معلناً أن هذه الدولة غير منتجة، بمعنى انها لا تقدم الخدمات التي يطلبها.

 

كيف يعيش موظف «الدولة»!؟

صحيح أن أجهزة رقابة الدولة ضعيفة، وهناك توظيفات عشوائية متلازمة مع تفشي الفساد في هذه الدولة. ولكن، هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين الموظفين والنزيهين، ويعيشون فقط من راتب هذه الدولة. وائل (موظف في القطاع العام – اسم مستعار – كسروان) واحد من هؤلاء، وهو فخور بنجاح خطوة الاضراب التي بدأت منذ أسبوعين، مؤكداً إنه «شبع من وعود» مساعدة نصف الراتب، ورفع بدل النقل بالتوازي مع وصول سعر تنكة البنزين الى ما فوق الـ 700 الف ليرة، وهي لا تكفيه ليصل الى عمله يومياً من جونية، سائلاً: براتب يُحسب على 1500 ليرة، ولا يتخطى المليوني ليرة، كيف من المفترض ان نعيل عائلاتنا؟ ندفع فاتورة المولد؟ هل نرهن منازلنا؟ يطالب وائل ان يأخذ راتبه وفق منصة صيرفة، رافضاً «شحادة» المساعدة المقترحة، فهم تحملوا ذنب «سلسلة الرتب والرواتب»، وهي حقهم بنظره، فمنذ عام 1997 لم يأخذوا الا غلاء معيشة على حد تعبيره.

سمير (من المتن – اسم مستعار – موظف في الاطفائية) يستغرب منطق هذه الدولة التي تفرض عليهم الالتزام بوظيفة الدولة وحدها، براتب لا يكفي لدفع ربع قسط مدرسي، «فنضطر ان نغير من نمط حياة أولادنا، لنرضي هذه الدولة، التي لا تنشلنا من البئر الذي أدخلتنا فيه وغيبت عنا الأمان الاجتماعي». «تعكز» جوزفين (جبيل – تعمل في المالية – اسم مستعار) على زوجها الموظف في شركة خاصة، الذي يتقاضى راتبه بالدولار. مع ذلك تتعجب من مكأفاة الدولة لموظفي القطاع العام بعد 30 سنة من التعب، والذين دخلوا عبر فحص مجلس الخدمة المدنية، وتخبر كيف انها مجبرة على تغيير كل نمط حياتها لتتأقلم حتى مع فقدان الأوراق داخل الوزارة، وكأنها تذهب الى العمل سدى. تخبر انه بعد هذا العمر من العمل في الدولة من الصعب ان تترك وظيفتها، وهي تنتظر التقاعد، ولا تتأمل ان تجد وظيفة محترمة أخرى في هذا العمر. متحسرة على حال الدولة التي تخسر «كادراتها»، وهذا ما لا يعوض بنظرها.

تعلن جوزيان عبر «نداء الوطن» انه في نهاية هذا الشهر ربما لا رواتب لموظفي الدولة، والسبب؟ لان المحاسبين غير قادرين على الوصول الى العمل ولا أوراق أصلاً. قصة الأوراق مكررة مع جميل (اسم مستعار – مياوم في شركة المياه) وهو جابي فواتير مياه ويخبر كيف انه لا أوراق لقبض قيمة الفواتير من المواطنين، بالتالي هو في المنزل منذ شهرين.

حال الجامعة اللبنانية، ليست افضل، يخبر عدد من الأساتذة عن طبيعة الوظيفة التي تفرض عليهم نمط حياة حديث من ناحية الحصول على مراجع علمية تسعر بالدولار، والحصول على اعلى سرعة للانترنت، إضافة الى الحضور الى المراكز الجامعية حتى لو لم يكن هناك من تعليم. وكل هذه التكاليف لا تتطابق مع الراتب الذي يدفع بالليرة اللبنانية. يشرح رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية عامر حلواني كيف ان الدولة اللبنانية تخلت عن مسؤولياتها في القطاع التربوي، مطالباً إياها بحمل هذا الوزر، فكيف باستاذ ان يركز على التعليم وهو يفكر بهم أولاده.

إستنكار رابطة موظفي الإدارة العامة

«اضرابنا موجه ضد هذه السلطة السياسية الفاسدة التي لم تبادر على إيجاد حلول»، وفق عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة في لبنان إبراهيم نحال الذي اختصر المطالب بـ»تصحيح الرواتب والاجور للموظفين بربطها بمؤشر التضخم كما الحصول على بدل نقل وهو عبارة عن نصف تنكة بنزين عن كل يوم، ودعم صندوق تعاونية موظفي الدولة». إبراهيم ليس وحده من يظهر امتعاضه، فمندوب رابطة موظفي الإدارة العامة في وزارة المالية وليد وهيب الشعار يشاركه الرأي رافضاً المساعدة المطروحة، اذ انه وفق دراسة اقتصادية قدمها ان عائلة مؤلفة من 4 اشخاص تحتاج الى 17 مليون ليرة لتعيش كما كانت حياتهم قبل الازمة، في حين ان رواتب موظفي القطاع العام لا تتخطى المليوني ليرة طارحاً رقم الخمسة ملايين كحد ادنى، مع تقديمات صحية وتعليمية، ناسفاً نظرية ان القطاع العام غير منتج لان إيرادات الدولة هي من الضرائب والرسوم وهي تنتج من خلال موظفي القطاع العام على حد توصيفه. هكذا لا يبقى امام هذه الدولة الا ان تباشر بخطوات «الحوكمة» ومكافحة الفساد، لتثبت انها قادرة على الحصول على مساعدات وهبات من المجتمع الدولي، خصوصاً انه بسبب هذا الانهيار، حتى الخصخصة، غير ممكنة.

ريتا بولس شهوان – نداء الوطن

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *