الإتحاد العمالي العام

هل حان وقت رفع سنّ التقاعد في لبنان؟

كنت أرغب في الحصول على مزيد من الوقت للعب والتفكير، لكنني أجد التقاعد أكثر إرهاقًاً من الحصول على وظيفة لطيفة وثابتة لأنني يجب أن أتخذ قرارات بشأن المكان الذي أريد أن أكون فيه”

في معظم البلدان المتطوّرة التي تحترم حقوق الإنسان يكون #سنّ التقاعد نعمة ومكافأة يتمتّع بها الفرد، الذي قدّم طوال حقبة من عمره طاقته الفكريّة ومجهوده في عمله، لينال بعد هذا المسار الطويل التسهيلات الضرورية في حياته، صحيّاً ومعيشيّاً.

أما في دول أخرى، ومنها لبنان، فبلوغ سنّ التقاعد نقمة على من يطاله، لأن سياسات الدولة والحكومات المتعاقبة لم تلحظ أيّ تدبير يحفظ حقوق المواطن على كافة المستويات، طفلاً كان أم شاباً أم شيخاً، لا بل ذهبت إلى أبعد من التجاهل، فحرمته، وسرقت منه كلّ جنى تعبه مخالفة شرعة حقوق الإنسان في الطبابة والعيش الكريم.

أخيراً، حثّ تقرير #اقتصاديّ دوليّ على تمديد سنّ التقاعد حتى الـ70 عاماً على الأقلّ في الدول الغنية، وذلك لارتفاع متوسّط العمر فيها لأكثر من 100 عام.

وقال المنتدى الاقتصادي العالمي إنه يتعيّن على الموظفين مواصلة العمل حتى الـ70 من العمر في دول مثل بريطانيا والولايات المتّحدة واليابان وكندا.

وثمّة حاجة إلى رفع سنّ التقاعد، لا سيما في الوقت الذي سيزداد فيه عدد الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم الـ65 عاماً لأكثر من ثلاثة أضعاف إلى 2.1 مليار بحلول العام 2050.

وبحلول هذا العام، سينخفض عدد الموظفين لكلّ متقاعد إلى أربعة فقط.

يقول الكاتب يوري لازوتين الروسي: “إن عمر الإحالة على التقاعد يختلف من دولة إلى أخرى. وفي بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يبلغ معدّل سنّ التقاعد عند الرجال 64.3 عاماً، مقابل 63.7 عاماً عند النساء”.

ويوضح “أنه عندما يزداد أمل الحياة عند الولادة، تواجه الحكومات صعوبة في التعامل مع ظاهرة “التهرم السكاني”، ومن بين الحلول، التي تعمد إليها في هذه الحالة، رفع سنّ الخروج من الخدمة من أجل توفير النفقات، وهو ما حدث أخيراً في كلٍّ من روسيا وأستراليا”.

لا شكّ في أنّ لحوافز التقاعد تأثيراً قويّاً على الارتباط ب#سوق العمل. ويقترن رفع سنّ التقاعد القانونية بتأخّر الخروج من سوق العمل. وفي لبنان، الحاجة إلى البقاء في العمل باتت ملّحة، فهل يمكن تمديد سنّ التقاعد؟ ما هي انعكاساته على الاقتصاد؟

مقاربة المواضيع بشكل علمي

في رأي عضو لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط النائب الدكتور رازي الحاج أنّه “عندما نكون في أزمة اقتصادية ومالية كما هو الحال في لبنان لا يمكننا مقاربة هذه المواضيع بشكل علميّ وموضوعيّ بسبب ارتفاع حجم الاقتصاد غير المنظّم وغياب القدرة على استشراف انعكاس هذه القرارات سلبياً وإيجابيّاً”.

وهو إذ “يؤيد رفع سنّ التقاعد في فئة ال#وظائف في الإجمال، خصوصاً أنه بغياب الأنظمة التقاعدية وغيرها من أنظمة الحماية الاجتماعية والشيخوخة يُصبح الفرد الذي يبلغ السنّ القانونية مجرّداً من أيّ نوع من الحماية اللازمة التي يوّفرها عدد كبير من البلدان المتطوّرة، يلفت إلى ضرورة مقاربة هذا الإجراء بعدم إحداث أيّ خلل في سوق العمل الداخلي مع احترام كامل حقوق الذين يحالون على التقاعد في الرعاية الصحيّة والحماية الاجتماعية”.

ويقول لـ”النهار”: “في الظروف الراهنة، التساهل في ترك الذين يرغبون في الاستمرار في عملهم ووظيفتهم داخل الشركات والمؤسّسات أمر محبّذ بعد بلوغهم السنّ القانونية، خصوصاً إذا كانوا يتمتّعون بالإنتاجيّة المطلوبة.

تمديد العمل قد يكون تدبيراً موقتاً لمدّة سنتين أو أكثر مع مفعول رجعي، ولكن ضمن إطار عقد موقّع بين الطرفين، أي المؤسّسة والموظّف، على أن لا يشمل ذلك الفئات العالية في الوظائف العامة، أي الفئة الأولى والثانية في الإدارة والمؤسّسات العامة، تلافياً للدخول في مسلسل التمديد المرفوض.

وفي غضون ذلك، يجب قبل أيّ شيء إجراء التقويم اللازم للداخلين إلى سوق العمل وللخارجين منه، مع مراقبة سريان الدورة الاقتصادية ووضع بيئة العمل. فلا يجب تجاهل حالة الركود التي نعيشها وما يرافقها من نمو سلبيّ وامتداد للبطالة المقنعّة. كذلك لا يمكن من ناحية أخرى إغفال تراجع قيمة تعويضات نهاية الخدمة التي يحصل عليها مَن يترك عمله ووظيفته بعد وصولها إلى الحدود الدنيا.”

في موازاة هذه المعطيات، ماذا فعلت بعض الدول في مواجهة هذه المشكلة؟ هل يسمح القانون بجعل سنّ التقاعد قراراً اختياريّاً؟

مرقص

رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص يقول لـ”النهار”: “إن لرفع سنّ التقاعد إيجابيات وسلبيات كثيرة، خصوصاً في بلد مثل لبنان حيث إيجابيّاته تفوق سلبيّاته؛ فعلى صعيد النفقات، لا شكّ في أنّ رفع سنّ التقاعد سيخفّض من النفقات، ويؤجّل بعض الأعباء الاجتماعية التي تترافق معه، خصوصاً مع غياب قانون ضمان الشيخوخة، بالرغم من وجود مشروع منذ العام 2008 مطروح أمام مجلس النواب، في الوقت الذي لم تتمكّن فيه مؤسّسة الضمان الاجتماعيّ من توفير التغطية الشاملة للأفراد المضمونين في هذا الوقت العصيب الذي تمرّ به البلاد.

ويعمل العديد من الدول المتقدّمة على خطط لرفع سنّ التقاعد مثل فرنسا، حيث أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون في 9 آذار 2022، ضمن برنامج ترشّحه للرئاسة، أنه سوف يقدّم خطّة لزيادة تدريجيّة في سنّ التقاعد من 62 عاماً إلى 65، وستجري هذه الخطة على مدى عشر سنوات، يساهم خلالها كلّ جيل بأربعة أشهر إضافيّة، لأنّ ذلك من شأنه أن يُتيح توفير الأموال على نفقات المعاشات التقاعديّة، التي تمثل عجزًا قدره 18 مليار يورو.

أما في الولايات المتحدة الأميركية فإنّ سنّ التقاعد الكامل هو 66 عامًا للأشخاص المولودين في العام 1956، وترتفع هذه السنّ تدريجياً إلى 67 عامًا للأشخاص الذين ولدوا في العام 1962 أو ما بعده. وقد تمّ سَنُّ هذه الزيادة في العام 1983 كجزء من تشريع شامل لتعزيز تمويل الضمان الاجتماعي في وقت واجه فيه أزمة مالية.

ما تقدّم يُشير إلى أن أغلبيّة الدول عمدت إلى الرفع التدريجيّ لسنّ التقاعد، ولم ترفعه دفعةً واحدة. وقد عمدت جمهورية سلوفاكيا في بداية العام ٢٠٢١ إلى تحديد سنّ التقاعد على أساس سنة الميلاد والجنس وعدد الأطفال الذين تمّت تربيتهم، مع تحديد الحدّ الأقصى لسنّ التقاعد بـ64 عاماً لكلٍّ من الرجال والنساء بعدما كان 62 عاماً.

في المقابل، لم يعد لدى المملكة المتحدة سنّ للتقاعد الإلزامي، فقد تمّ تعديل القانون في العام 2011 لمنع أصحاب العمل من إلزام العمال بالتقاعد في سنّ الـ65؛ لذا يمكن للعمّال الاستمرار في العمل للمدّة التي يريدونها أو يحتاجونها. وهناك سنّ تقاعديّة تمكّن الفرد من الحصول على معاش تقاعديّ من الدولة هو 66 عاماً، بعدما كان 5 عاماً، وهو يستمرّ بالارتفاع.

في الخلاصة، نشير إلى أنه لا توجد طريقة واحدة صحيحة لحل المشكلات المالية للبلاد. ولكن إذا كان هناك شيء واحد يميل الخبراء من جميع المعتقدات الإيديولوجية إلى الاتفاق عليه، فهو أنه طالما أن القدرة الإنتاجية للفرد لا تزال قوية، ولا يزال بإمكانه أن يعمل، فيجب عندها رفع سنّ التقاعد أو تخيير العامل بين أن يكمل عمله حتى بعد تخطّيه السنّ القانونيّة أو التقاعد”.

في مطلق الأحوال، رفع سنّ التقاعد في لبنان في القطاعين العام والخاص قرار جريء، يُستبعد اتخاذه من قبل مسؤولين تخلّوا عن أدنى واجباتهم ليستمرّوا في حالة النكران الشديد لما ارتكبت أياديهم من أخطاء وجرائم، فحرموا المواطنين معها من أدنى حقوقهم في الحماية الاجتماعية بل جرّوهم إلى الحضيض.

المصدر: النهار

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

“ارتفاع أسعار البنزين والمازوت في لبنان: تعرف على أسعار اليوم 2025”

“ارتفاع أسعار البنزين والمازوت في لبنان: تعرف على أسعار اليوم 2025” شهدت أسعار المحروقات في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *