lvl220220606014833349
lvl220220606014833349

ثروة لبنان النفطية بين النعمة والنقمة

من السذاجة اعتبار تسوية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وحدها، قادرة على فتح الباب مشرعاً أمام استغلال لبنان للنفط والغاز ضمن حدوده، وفي المناطق المتنازع عليها مع إسرائيل. فالعائق الرئيسي أمام الحصول على عائدات مرجوّة من المخزون الغازي والنفطي هو هيمنة «حزب الله» على صناعة القرار في لبنان، وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في معظم الشؤون لا سيما تلك المتعلقة بالسياسة الخارجية والدفاعية والأمن، مع تمدد للهيمنة على الشأن المالي والاقتصادي. والمعروف أن علاقات هذا الحزب مع معظم الدول الغربية بعامة والولايات المتحدة بخاصة، تتراوح بين تصنيفه منظمة إرهابية، إلى إخضاعه ومحاصرته والتضييق عليه بعقوبات متنامية قاسية وجدية.

إذا صدقت أجواء الحماسة والتفاؤل الباديين على تصريحات ووجوه المسؤولين اللبنانيين، بعد اجتماعاتهم مع الوسيط الأميركي آموس هوكستاين، وتم التوصل على الرغم من أداء «حزب الله» المستفز وتهديداته الدعائية العلنية المتكررة، إلى صيغة ما للترسيم والبدء باستخراج الغاز، فهذا يعني أن تفاهمات باطنية قد حصلت عنوانها المقايضة. تقوم هذه المقايضة على السماح للبنان و«حزب الله»، هو في قلب الحكم والحكومة، بالإفادة من مداخيل غازه ونفطه والإقرار الضمني من الدول الغربية والولايات المتحدة وبعض العرب بنفوذه في الداخل اللبناني، وتمكين مكتسباته وتحسينها وتشريعها، مقابل تهدئة لا تُعرف تفاصيلها بعد بين الحزب وإسرائيل تضمن الهدوء المستدام على الحدود بين البلدين، وتنزع فتيل اندلاع عمل عسكري كبير أو صغير، لا يرغب فيه أي طرف من الأطراف الإقليمية أو الدولية.

هذه المقايضة، إذا صحّت، لا تعني أن التسوية الكبرى في الإقليم قد نضجت، ولا التفاهم بين واشنطن وطهران أصبح متاحاً، إنما قد تؤشر إلى تنامي مناخ تهدئة يحافظ على المشهد في المنطقة وعلى الخطوط العريضة للاستاتيكو لا سيما في المناطق التي تشهد اضطرابات ونزاعات داخلية أو خارجية.

عوامل كثيرة قد تدفع بهذا الاتجاه أبرزها المتغيرات على الساحة الدولية، وبلوغ التوتر ذروته بين الدول الكبرى بعد الحرب في أوكرانيا، وما استتبعها من تجاذب غير مسبوق بين روسيا والدول الغربية، والحاجة إلى معالجة إمدادات الطاقة إلى أوروبا وبشكل مستدام، على ضوء غياب ملامح لتسوية ما بين الغرب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى التوترات مع الصين التي سعّرتها الزيارة الأخيرة لرئيسة الكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان.

هذه المتغيرات الدولية هي أيضاً وراء تحاشي الأطراف كافة الانخراط في نزاعات وحروب جديدة، أو حتى تسعير المندلعة منها، ومعظم هذه الدول تعاني إرهاقاً على أكثر من صعيد ويعتريها خوفٌ من مفاجآت أمنية أو سياسية أو اقتصادية تولدها الحرب الأوكرانية وتطوراتها. ينبغي أيضاً الأخذ بالاعتبار أن إيران التي لم تعتد المهادنة ووقف التحرشات، وصلت إلى مرحلة لم تعد تسمح لها بهضم المزيد من التمدد أو التوسع، وبات همّها الرئيسي المحافظة على مكتسباتها عبر حلفائها وأدواتها وتمكينها في الدول التي تمسك بها مثل لبنان والعراق وسوريا. وفي هذا السياق تحديداً، يصعب تصديق أن طهران لا تبالي أو مرتاحة للوضع العراقي المأزوم والمفتوح على شتى الاحتمالات، وهو مصدر قلق حقيقي لا سيما لـ«حزب الله» لأنه أصاب أحادية مرجعية إيران الشيعية في الصميم، وقد ينعكس ذلك على لبنان حيث يزداد ارتفاع الأصوات الرافضة والمعترضة على الحزب وراعيته إيران وسياساتهما، لا سيما الشيعية منها، في علامات تفسخ وتباينات داخل ما تعده إيران و«حزب الله» بيئتهما الحاضنة.

إضافةً إلى هذه العوامل، هاجس الدول الغربية لتأمين استقرار لبنان وتحاشي اندلاع الفوضى والاضطرابات فيه يدفعها لاستلحاق التدهور المستمر على الصعد المعيشية والمالية والاجتماعية، ومهما كانت قدرة اللبنانيين على التكيّف والتحمّل لا بد أن يأتي يوم لم يعد بعيداً تتلاشى فيه مع غياب مقصود لأي شكل من أشكال المعالجة أو الإصلاح. هذا العامل قد يكون ولو بنسبة ضئيلة محفزاً للمعنيين في الداخل والخارج على محاولة التعجيل باستخراج الغاز وتسويقه، لعل ذلك يساعد في معالجة الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق وتفادي الانزلاق إلى الفوضى.

أما لماذا نستبعد ألا يكون ما يحصل في لبنان، إذا بلغ خواتيمه السعيدة، محطةً أولى من التسوية الكبرى في الإقليم، فذلك لأن اللاعبين الأساسيين غير مهيئين وحتى غير قادرين في هذه المرحلة لمثل هكذا قرارات مصيرية وأولهم اللاعبان الرئيسيان واشنطن وطهران. واشنطن منشغلة على أكثر من جبهة داخلية وخارجية؛ الهم الأوكراني وتداعياته يتصدر سلم أولوياتها، إضافةً إلى موضوع العلاقة مع بكين، يضاف إلى ذلك انشغالها بمعالجة الاقتصاد لتلافي الركود والتضخم وسط تجاذب سياسي حاد بين الحزبين على مشارف انتخابات نصفية للكونغرس ورئاسية بعد سنتين يبدو أنها بدأت قبل أوانها، وغير ذلك الكثير والكثير من المشكلات الداخلية التي لا مجال يتسع لذكرها.

أما إيران المكابرة أبداً إنما المنهكة تحت ضغوط العقوبات وإدارة شؤون حلفائها وأدواتها في أكثر من دولة، فهي تقاتل على أكثر من جبهة للحفاظ؛ أولاً على مكتسباتها، وثانياً للتوصل إلى تسوية ما للملف النووي مع واشنطن تنقذها من أوضاعها الاقتصادية الصعبة، وثالثاً حربها بأكثر من شكل مع إسرائيل، والتوتر الذي خلقته مع جيرانها في الإقليم، ناهيك بتصاعد النقمة الداخلية ضد النظام وسياساته، إضافةً إلى الصراع الخفي على خلافة المرشد.

يبقى الجانب الروسي الغارق في حربه الأوكرانية – الأوروبية – الأميركية في آن واحد، فلن يكون العامل المساعد لتسويات كبرى في هذه المرحلة، وهو الباحث عن حلفاء وأحلاف. لا يزال بإمكان طهران التشويش على المصالح الغربية وتهديد الأمن الإقليمي حتى أكثر من ذي قبل.

الموضوعية تقتضي الاعتراف أيضاً بأن السياسة ليست أبيض أو أسود، بل هي في دينامية مستمرة ومفتوحة على شتى المتغيرات والمفاجآت. إنما وبناءً على العوامل الآنفة، يبقى الوصول إلى تسوية ما لموضوع الحدود البحرية هو الاحتمال الأكثر رجحاناً علماً بأنه يبدو حتى كتابة هذه السطور أن الحزب وراعيته إيران لم يحسما موقفهما بعد، كما لجوء إسرائيل أو الحزب إلى العنف يبقى وارداً. الأسابيع القليلة المقبلة هي الفيصل في هذا الشأن قبل أن نبارك للبنانيين ثروتهم النفطية. ما يشجّعنا على ترجيح هذا الاحتمال أنه ليست من عادة «حزب الله» وأمينه العام الإكثار من التهديد والوعيد بينما النمط الغالب لديهما هو التنفيذ. ولعل الحزب نجح بعد تقويض الدولة وتعطيلها في ابتزاز الغرب المساوم دوماً وفي مرحلة حرجة، ما جعل من ضجيج التهديد بالمسيّرات والصواريخ وقصف حقل «كاريش»، وما بعد «كاريش»، مادة دسمة لإيهام قاعدته أولاً وعموم اللبنانيين ثانياً بأن الفضل في استخراج الغاز والنفط وانتشال لبنان من أزماته إنما هو لسلاح وقوة «حزب الله» والدعم الإيراني.

أخيراً إن السلطة الحاكمة برمّتها، لا سيما تيار رئيس الجمهورية، بحاجة إلى إنجاز ما قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، يساعد على تأمين ولاية لرئيس مقبل لن يكون أكثر من نسخة منقحة ومحسنة عن سلفه.

في المحصلة، وسط هذه المتغيرات والاحتمالات المتعددة، يبقى الثابت الوحيد أنها ستؤدي إلى إحكام «حزب الله» أكثر فأكثر قبضته على لبنان، وتتحول الثروة من النفط والغاز من نعمة طال ترقبها إلى نقمة علّها لا تكون قدراً لا يُردّ.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تحديث سعر صرف الدولار اليوم

سعر صرف الدولار الآن اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة التحديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *