مفاوضات صندوق النقد: لبنان في حالة موت سريري

مفاوضات صندوق النقد: لبنان في حالة موت سريري

كثرت في هذه الأيام الرسائل الموجّهة إلى صندوق النقد الدولي من قبل جهات عديدة من المجتمع اللبناني في محاولة لإرشاده إلى كيفية مقاربة حلّ “للمصيبة اللبنانية”. وسقط سهواً عنهم جميعاً أنّ فريق عمل صندوق النقد الدولي ليس غريباً عن لبنان.

الدكتور جهاد أزعور هو مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. وقد شغل الدكتور أزعور منصب وزير المال في لبنان لعدّة سنوات (2005 – 2008). وهي الفترة التي قام خلالها بتنسيق تنفيذ مبادرات مهمّة للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبية والجمركية اللبنانية.

في الفترة السابقة على عمله وزيراً للمال ثمّ الفترة اللاحقة لها، تولّى عدّة مناصب في القطاع الخاصّ. ويفاوض فريق عمل صندوق النقد الدولي فريق لبنان المفاوض من أجل لبنان الوطن والمواطن، وليس من أجل لبنان الفخامة، أو لبنان المعالي، أو لبنان السعادة، أو لبنان المصرفيّ، أو حتى لبنان المودع. الهدف من المفاوضات مع لبنان المنكوب هو انتشال كلّ لبنان من أزمته أوّلاً، والتأكّد من إقرار إصلاحات لتفادي تكرار هذه الأزمة في المستقبل إذا تمسّك الناخب اللبناني بخياراته في الانتخابات البرلمانية. ولن يقبل صندوق النقد الدولي أيّ خطّة تزيد من التدهور في الوضع الاقتصادي والمعيشي.

حتى تاريخ اليوم كلّ ما نسمعه من السلطة الحاكمة هو الكلام المعسول الفارغ. إذ لا يوجد خطّة إنقاذ كاملة مكتملة للحكومة تستوفي شروط التفاوض والإنقاذ والتعافي. وهذا يعني أنّ لبنان ما زال في المرحلة التحضيرية للتفاوض من أجل الوصول إلى برنامج. على الرغم من توقيع الاتفاق المبدئي (Staff-Level Agreement) مع الصندوق. وإن وجدت هذه الخطّة فلن تكون سرّاً لأنّها تكون نتيجة تشاور مع كلّ مكوّنات المجتمع اللبناني.

عنوان الاشتباك بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي هو “التفاوض” وليس إملاءات من طرف على طرف آخر

مع وجود مسؤول ملفّ لبنان في صندوق النقد الدولي الدكتور محمود محيي الدين في لبنان للمتابعة والوقوف عند ما تمّ الاتفاق عليه في الاتفاق المبدئي، ومع ارتفاع منسوب حاجة مكوّنات السلطة الحاكمة إلى تلميع صورتها بعدما أفلست… سوف يرتفع منسوب الوعود الفارغة والانبعاثات الإيجابية لجهة إحراز تقدّم في المفاوضات بين لبنان والصندوق للتوصّل إلى برنامج إنقاذي.

“الصندوق” يستمع… أكثر مما يتكلّم

الحقيقة أنّ قواعد التواصل على طاولة المفاوضات تكون على النحو التالي: الفريق اللبناني هو “من يتكلّم” ويعرض مشروع الإنقاذ والتعافي والإصلاح، وفريق الصندوق “يكون المستمع” ثمّ يلجأ إلى تقويم ما تمّ عرضه من قبل الفريق اللبناني. وعكس ما يشاع وعكس ما يعتقده البعض، صندوق النقد الدولي يأتي إلى طاولة المفاوضات مع الدولة العضو المنكوبة للاستماع أكثر من الكلام والإملاء على الوفد الوطني!

ولبنان يقرّر بالتعاون مع الصندوق وبدعم منه. قد يكون قلب صندوق النقد الدولي كبيراً في التعاون وتقديم الدعم التقنيّ. لكنّ قدراته محدودة والحفاظ على موارد الصندوق واجب. ولن يتمّ التفريط بها لعيون فلان أو علتان. ولهذا ولأسباب أخرى هناك شروط.

صندوق النقد

تشمل شرطيّة الصندوق بمعناها الواسع:

– البرامج التي يدعمها الصندوق (للإصلاح البنيوي وإعادة الهيكلة، والإنقاذ والنموّ الاقتصادي).

– والمؤشّرات المحدّدة التي تُستخدم في متابعة التقدّم نحو تحقيق الأهداف التي يقرّرها لبنان بالتعاون مع الصندوق.

الصندوق يتعاون ويدعم، وهو الصديق وقت الضيق، والتعتيم على ذلك هو ملاذ الفاسد والفاشل في الطبقة السياسية
وتساعد الشرطيّة البلدان الأعضاء على حلّ مشكلات ميزان المدفوعات دون اللجوء إلى تدابير تضرّ بالرخاء على المستوى الوطني. للتأكيد أنّ صندوق النقد الدولي يحاول بجدّية تفادي ضرورة اللجوء إلى “التقشّف” للوصول إلى الأهداف المرجوّة. وفي الوقت ذاته، تهدف هذه التدابير إلى حماية موارد الصندوق للتأكّد من أنّ ميزان المدفوعات سيكون قويّاً لدرجة تسمح للبنان بسداد التزاماته. وهذا للتأكيد أنّ الصندوق يهدف إلى الوصول مع لبنان إلى:

– إقرار وتنفيذ إصلاحات لإقفال الباب على احتمال تكرار الأزمة التي يعاني منها اليوم.

– إقرار وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتمكينه من تسديد القروض التي سوف يحتاج إليها. سواء جاءت من الصندوق أو من الدول المانحة والصديقة بمباركة (وليس بضمانة) من الصندوق.

تقع على لبنان المسؤولية الأولى في اختيار وتصميم وتنفيذ السياسات التي تساهم في نجاح البرنامج المدعوم من الصندوق. ويُدْرَج وصف تفصيليّ للبرنامج في خطاب نوايا. (يتضمّن في الغالب مذكّرة بشأن السياسات الاقتصادية والماليّة). وتعتمد أهداف وسياسات البرنامج على ظروف لبنان. غير أنّ الهدف النهائي يتمثّل دائماً في:

– استعادة سلامة ميزان المدفوعات، وهو مؤشّر إلى قدرة لبنان على تسديد التزاماته للصندوق.

– والاستقرار الاقتصادي الكامل والمكتمل، وهو مؤشّر إلى أنّ الإصلاحات تُعطي ثمارها في إنقاذ الاقتصاد اللبناني المنكوب.

 

مع تهيئة الأرضية الاقتصادية لتحقيق نموّ مستدام، والحدّ من تفاقم الفقر في الوطن.

“النقد الدولي” يراقب “موارده”

يُصرَف التمويل الذي يقدّمه الصندوق على دفعات، ويرتبط باتّخاذ لبنان إجراءات يمكن إثباتها في ما يتعلّق بالسياسة الاقتصادية. والهدف من ذلك هو التأكّد من تحقيق تقدّم في تنفيذ البرامج والحدّ من المخاطر التي قد تهدّد موارد الصندوق. وتتيح مراجعات البرامج إطاراً يستخدمه المجلس التنفيذي في إجراء تقويم دوري لسير البرنامج المدعوم بموارد الصندوق في المسار الصحيح وضرورة إجراء تعديلات لتحقيق أهدافه. وتجمع المراجعات على ما يلي:

– هل تمّ استيفاء شروط البرنامج وفقاً للجدول الزمني المتّفق عليه؟

– هل يحتاج البرنامج إلى التعديل في ضوء المستجدّات و/أو المتغيّرات الاقتصادية؟

تستند الموافقة على أيّ اتفاق أو مراجعاته إلى الالتزامات المختلفة المتّفق عليها مع السلطة اللبنانية بشأن السياسات المالية والنقدية والاقتصادية. ويمكن أن تتّخذ هذه الالتزامات أشكالاً مختلفة:

– الإجراءات المسبقة: وهي تدابير يوافق لبنان على اتّخاذها قبل موافقة المجلس التنفيذي على التمويل أو قبل استكماله المراجعة.

– معايير الأداء الكمّية: هي شروط محدّدة وقابلة للقياس تتعلّق دائماً بالمتغيّرات السياسية والاقتصادية التي تتحكّم فيها مكوّنات السلطة في لبنان.

– الأهداف الإرشاديّة: هي أهداف يمكن وضعها إلى جانب معايير الأداء الكمّية لتكون مؤشّرات لتقويم التقدّم الذي يحرزه لبنان نحو تحقيق أهداف البرنامج.

– القواعد المعيارية الهيكلية: هي تدابير إصلاحية تتّسم بأهمّيتها البالغة في تحقيق أهداف البرامج، ويُقصد بها أن تكون علامات إرشادية في تقويم تنفيذ البرنامج أثناء عملية المراجعة. وتختلف هذه القواعد باختلاف البرامج.

الطلبات واضحة ومعلنة

اليوم، وبعد إبرام الاتفاق المبدئي (Staff-Level Agreement)، بات واضحاً وضوح الشمس ما هي طلبات الصندوق.

كلّ لبناني يعلم علم اليقين ما صنع رجال الدولة في لبنان:

– تعمّد عدم انتخاب رئيس للجمهورية.

– إسقاط التدقيق الجنائي.

– إسقاط التحقيق في انفجار 4 آب 2020.

– عدم إقرار قانون الكابيتال كونترول.

– عدم المباشرة بإقرار أيّ إصلاحات من شأنها إنقاذ لبنان من هذه الأزمة الاقتصادية.

– الدعم العشوائي الذي تقدّمت به السلطة لاستيراد الأساسيات والكماليّات من أجل دعم أصحاب الوكالات الحصرية.

في الخلاصة، الوصول إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي ممكن. لكنّ هذا يعتمد على “همّة ونشاط” الفريق اللبناني ومن يدعمه من مكوّنات السلطة الحاكمة. وهنا يجب التوقّف عند أمر بغاية الأهمّية. وهو أنّ صندوق النقد الدولي ليس بسلطة تشريعية ولا بسلطة تنفيذية ولا بسلطة نقدية في لبنان. وتختصر صلاحيّاته على اقتراح الحلول والدعم التقنيّ والمادّي والتفاوض من أجل لبنان.

محمد فحيلي- أساس

اضغط هنا وانضم الى قناتنا على الواتساب لنشر الأخبار والوظائف على مدار الساعة

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تحديث سعر صرف الدولار اليوم

سعر صرف الدولار الآن اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة التحديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *