إقتصاد لبنان بلا إستثمار: %0.9 من الناتج

تُظهر أرقام البنك الدولي الجديدة، حجم الضرر الذي تعرض له الاستثمار في لبنان. وهذا الضرر أصاب بشكل أساسي الاستثمار الخاص. فبعدما كان معدّل الاستثمار في لبنان نسبة إلى الناتج المحلّي نحو 23% في العقد الماضي، أصبح يُشكّل نسبة هزيلة بلغت 0.9% في عام 2023، أو ما يعادل 160 مليون دولار. ويتوقّع البنك الدولي أن ترتفع هذه النسبة بشكل هزيلٍ أيضاً في عام 2024 لتبلغ 1.2%، أو ما يعادل بقيمة 240 مليون دولار.

 

غياب الاستثمار الخاص هو أحد أسباب الركود الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان في السنوات الأخيرة. وقد بلغت نسبة هذا الاستثمار من حجم الناتج المحلّي نحو 0.8% في عام 2023، ويتوقع البنك الدولي أن تبلغ 0.7% في عام 2024، بالمقارنة مع معدّل 21.3% في العقد الماضي. وطبعاً، غياب الاستثمار مُبرر، إذ إن الظروف الموجودة في الاقتصاد اللبناني حالياً ليست ظروفاً مناسبة للاستثمار. وصحيح أنه كان هناك بعض العوامل التي كان من المُفترض أن تكون محفّزة، وخصوصاً للاستثمار في قطاعات الإنتاج، إلا أن سلوك المُتفرج السلبي الذي قامت به الدولة اللبنانية بكامل أطيافها، حال دون ذلك.

الحديث عن الاستثمار من دون وجود مصدر تمويل ليس ممكناً. فالتمويل هو أحد أبرز مهمات القطاع المصرفي، إلا أن هذا القطاع فقد هذا الدور منذ بداية الأزمة، أي مع انهيار القطاع وعدم قدرته على سداد الودائع لمودعيه بسبب فقدان السيولة والملاءة اللازمتين. انعكس هذا الأمر توقّفاً في حركة التسليف التي كانت أصلاً تتوجّه نحو الإقراض الاستهلاكي، لكنها أوقفت ما كانت تؤمنه من تمويل للاستثمار. وبشكل عام، الشركات تُفضّل أن لا تكون استثماراتها من أموالها الخاصّة بشكل كلّي، لأن الأموال النقدية الخاصّة «كلفتها» مرتفعة، مقارنة بالتمويل عبر القروض، لأنه في الحالة الثانية لا تكون المخاطر كلها ملقاة على عاتق المستثمر، بل يتحمّل مصدر التمويل أيضاً جزءاً من المخاطر. وفي السنوات الأخيرة، لم تقم أي من الحكومات المتعاقبة أو مجلس النواب أو مصرف لبنان بإجراءات جدية لإعادة تشغيل القطاع المصرفي. كل الخطوات بقيت في إطار المشاريع، التي وضعت خططاً غير منطقية لإعادة هيكلة القطاع وإعادة تفعيله. لذا، بقي حال القطاع المصرفي كما هو عليه، وبقي التمويل الاستثماري مفقوداً.

 

من ناحية أخرى، البيئة الاقتصادية الموجودة حالياً في لبنان ليست بيئة جذابة للاستثمار. إذ إن انعدام الاستقرار السياسي الموجود يُشكّل مخاطر كبيرة للمستثمرين، حتى اللبنانيين منهم، الذين يُفضلون أن يستثمروا أموالهم الخاصة في أماكن تنخفض فيها المخاطر السياسية. فحتى إذا أراد المستثمر تحمّل المخاطر، فهو يتوقّع أن تكون عائدات استثماره أكبر مقارنة مع الاستثمار في بيئة مخاطرها أقل، لكن الوضع الاقتصادي في لبنان لا يسمح بوجود عائدات مرتفعة، وخصوصاً مع الركود الذي يشهده الاقتصاد اللبناني في السنوات الأربع الأخيرة. وهذا سبب إضافي لعدم وجود استثمارات خاصّة. ويُضاف إلى ذلك عوامل أخرى، موجودة منذ ما قبل الأزمة، وهي تتعلّق بعدم وجود محفزات الاستثمار من قوانين تحمي المستثمرين وتُشجّعهم على الاستثمار في البلد، إضافة إلى الموانع الكثيرة التي تواجه الدخول إلى السوق (barriers to entry)، ومنها احتكارات القلّة.

 

أما الاستثمار العام، وهي الاستثمارات التي تقوم بها الدولة في البنى التحتية وغيرها، فقد انخفض بشكل كبير أيضاً خلال الأزمة. مع العلم أن مستوياته كانت منخفضة أصلاً قبل الأزمة، بسبب قرار الدولة عدم الإنفاق بشكل كبير بعد عام 2010. مع ذلك، انخفض حجم الاستثمار العام نسبة إلى الناتح المحلّي إلى نحو 0.1% في 2023، ومن المتوقّع أن يرتفع إلى 0.5% في 2024، مقارنة مع معدّل 1.8% في العقد الماضي. وينعكس غياب الاستثمار العام على الاقتصاد من ناحية انكماش الحركة الاقتصادية. ومن ناحية أخرى، ينعكس هذا الأمر على تهالك البنى التحتية وتدهور حالة الخدمات

 

ماهر سلامة- الأخبار

اضغط هنا وانضم الى قناتنا على الواتساب لنشر الأخبار والوظائف على مدار الساعة

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تعميم 1000 دولار يدخل حيز التنفيذ: الصيارفة يواجهون تحديات تطبيق “اعرف عميلك” وتحديث البرامج

مقدمة: تطبيق تعميم مصرف لبنان على المؤسسات المالية غير المصرفية دخل تعميم مصرف لبنان (BdL) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *