لبنان يتطلع إلى 16 مليار دولار لإعادة الإعمار: خارطة طريق للنهوض الاقتصادي والاجتماعي

16 مليار دولار للبنان على مدى 4 سنوات

أُعلن عن وقف إطلاق النار، وتوالت الاحتفالات بانتهاء الحرب وسارع النازحون للعودة إلى مناطقهم وضيعهم لتفقد منازلهم ومؤسساتهم وممتلكاتهم. وسرعان ما تحوّلت الفرحة إلى كآبة، عندما شاهد أصحاب تلك الممتلكات الدمار وحجم الأضرار التي منيت بها مؤسساتهم، لتبدأ التساؤلات: من سيعوّض علينا خسائرنا؟ من سيعيد بناء مؤسساتنا ومصانعنا ومعاملنا وبيوتنا؟

مع تضرّر حوالى 50% من حجم الاقتصاد نتيجة العدوان الذي استمرّ أكثر من شهرين على مختلف المناطق اللبنانية، لا يمكن توقّع وضع الاقتصاد ما بعد الحرب قبل إجراء مسح حقيقي على أرض الواقع لحجم الأضرار المقدّرة صوريّاً حالياً بين 10 إلى 15 مليار دولار. كما أنه لا يمكن ترجيح مسار الاقتصاد ونموه في مرحلة بعد الحرب قبل انقشاع الرؤية على الصعيد السياسي، أي قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتولّى قيادة مرحلة النهوض وتنفذ الاصلاحات التي كانت مطلوبة قبل الحرب والتي استجدّت بعد الحرب.

قبل عودة الثقة باستدامة وقف إطلاق النار وقبل انتخاب رئيس للجمهورية يبعث بالثقة إلى المجتمع الدولي والعربي خصوصاً والمغتربين اللبنانيين، لا يمكن الحديث عن إعادة إعمار أو إمكانية الحصول على تمويل أجنبي أو محليّ.

عندما تتطلّع إلى الحصول على دعم مالي أجنبي، يجب أن يكون هناك دولة على رأسها رئيس وحكومة ومجلس نواب غير فاقد للشرعية. ومن أجل عودة الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، يجب تأمين استقرار أمني وسياسي واقتصادي وثقة تامة بأن الحكومة تعمل خطة فعلية للنهوض، ملتزمة ضمنها شروطاً أو توصيات المجتمع الدولي. ولضمان حصول تدفقات مالية إلى البلاد، يجب أن تستعاد الثقة بالقطاع المصرفي وبدوره الاساسي الذي هو المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.

من هنا تبدأ عملية إعادة الإعمار: من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة والسير بالاصلاحات وبخطة النهوض، ما من شأنه أن يبعث الثقة ويضع الاقتصاد على مسار انتعاش قوي يستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي. حيث تشير توقعات معهد التمويل الدولي إلى أن لبنان سيحصل في مثل هذا السيناريو، على ما مجموعه 16 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة: 2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، 2 مليار دولار من البنك الدولي، 5 مليارات دولار من المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، و7 مليارات دولار من دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة بناء البلاد.

كما يتوقع أن نجاح هذا السيناريو المتفائل، سيشجع أكثر من نصف اللبنانيين الذين غادروا البلاد خلال السنوات الخمس الماضية على العودة إلى وطنهم والمشاركة في عملية إعادة الإعمار. ليبدأ الاقتصاد في التعافي مع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من -7% في 2024 الى 3.5% في عام 2025 وإلى 6% في عام 2028 مدفوعاً بالاستهلاك الخاص والاستثمار العام والسياحة.

وسيساعد ذلك، في إمكانية ارتفاع سعر الصرف تدريجياً من 89,500 ليرة مقابل الدولار حالياً، إلى حوال 80 ألفاً في 2025 و 65,000 ليرة بحلول عام 2028، مما سيدعم تراجع معدل التضخم من حوالى 39% حالياً إلى 15% في 2025 و3% في 2028.

بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن ترتفع احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية تدريجياً، من 10 مليارات دولار حالياً إلى 14 ملياراً في 2025 وإلى 32 مليار دولار في 2028 بسبب التمويل الأجنبي الكبير والتحسّن في الحساب الجاري لميزان المدفوعات. وسيرتفع الناتج المحلي الإجمالي للبنان بالدولار الأميركي من حوالى 24 مليار دولار في عام 2024 إلى 57 مليار دولار بحلول العام 2028 أي أعلى قليلاً من المستوى الذي تمّ تحقيقه في عام 2018، قبل الأزمة الاقتصادية والمالية.

في هذا الاطار، سأل المدير التنفيذي لمؤسسة البحوث والاستشارات الخبير الاقتصادي كمال حمدان: أي تركيبة سياسية ستتولّى عملية إعادة الإعمار والنهوض؟ هل هي التركيبة نفسها التي بقيت خارج إطار المحاسبة والمساءلة بعد انهيار 2019؟ معبّراً لـ “نداء الوطن” عن تشاؤمه من دينامية الطبقة السياسية وجاذبيتها وقدراتها ورغباتها الفعلية بأن تتولى إدارة الشأن العام من جانب آخر. مشيراً إلى أن “هذا التشاؤم لا يمنع القطاع الخاص رغم كلّ عثراته ومشاكله وتأثره بالفساد العام السائد في البلاد، من أن يعطي مؤشرات على تحسّن الأمور على صعيد السياحة، أو الاستثمار الصناعي وغيره. إلا أن القطاع الخاص وحده لا يكفي طبعاً، خصوصاً أنه مقيّد بالبيروقراطية السياسية المتوارثة”.

واعتبر حمدان أن الوضع المستجدّ حالياً يوحي بأن لبنان، بشكل من الأشكال، أصبح تحت وصاية أطراف دولية، وبالتالي فإن وضع الاقتصاد ما بعد الحرب ووضع التدفقات المالية مرهون بالدول المانحة والمؤسسات الدولية التي غالباً ما يأتي دعمها عبر الدول المانحة، أي تنفيذاً لقرارها السياسي.

وأوضح أنه بالمقدار الذي يتقدّم فيه الملف السياسي وفقاً لما تعتبره الدول المانحة والمؤسسات الدولية منسجماً مع سياساتها العامة في المنطقة، يتمّ بالمقدار نفسه تحرير دعم أكبر وأكبر للبنان.

أضاف: لكن هذا الأمر ليس واضحاً بعد، بانتظار بلورة الصيغة السياسية في المنطقة وفي لبنان. عندما تتّضح معالم هذه الأجندة، ستعطي فكرة عن حجم ونوع التدفقات والمساعدات التي سترد الى لبنان.

وختم حمدان مشدداً على ضرورة وأهمية تأمين الحماية الاجتماعية لشريحة واسعة من اللبنانيين فقدت باللحظة ذاتها، مدّخراتها (ودائعها)، وجزءاً كبيراً من قدرتها الشرائية بسبب التضخم، بالإضافة إلى ممتلكاتها ومؤسساتها، لتفادي حصول أزمة أمنية واجتماعية .

من جهته، رأى عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا بيار الخوري، أن المرحلة المقبلة هي مزيج من التحدّيات والفرص ومزيج من مصادر داخلية ومصادر خارجية. لافتاً لـ “نداء الوطن” إلى أن عملية إعادة الإعمار ستكون المحرّك الأساسي للنمو الاقتصادي، “علماً أن التحدّيات تتمثل بإمكانية الانتقال إلى إدارة حديثة وشفافة وخالية من الفساد”.

وأوضح أن مصدر التدفقات المالية سيكون المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مؤسسات التنمية الدولية التي تقدم مشورة لإعادة الإعمار، بالإضافة إلى الدعم المالي المشروط بالإصلاحات الاقتصادية. كذلك الأمر بالنسبة للدول المانحة التي ستتألف بشكل أساسي من الدول العربية المتموّلة، والتي ستشكّل مصدر الدعم الأساسي والأكبر، تليها الدول الأوروبية، فالولايات المتحدة. مشدداً على أن شروط الدول المانحة سياسية بالدرجة الاولى واقتصادية أساسية مماثلة لشروط المؤسسات الدولية.

كما أشار الخوري إلى أن الجزء الآخر من التدفقات المالية سيأتي من خلال عطاءات الدولة أي العقود الاستثمارية طويلة الاجل مثل الـ BOT وغيرها. وأخيراً، فإن الجزء الأخير من التدفقات سيكون من القطاع الخاص اللبناني المغترب والمقيم، الذين أثبتوا عبر التجارب التاريخية أنهم جزء فعّال من أي عملية إعادة إعمار حصلت في الماضي بعد الحروب.

تابع: تضاف إلى ذلك إمكانية حصول المواطنين أو المؤسسات على تعويضات الحرب من خلال صناديق متخصّصة أو الهيئة العليا للإغاثة أو التعويضات الحزبية. وفي حال حصوله، سيكون جزءاً من عملية تدفق الأموال إلى الاقتصاد.

في المقابل، نبّه الخوري من الرقابة المتشددة على مصادر الأموال في ظلّ إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لمنظمة العمل المالي، وفي ظلّ اتّهام لبنان بأنه ساحة لتبييض الأموال وأموال الجريمة المنظمة، مما يشكل عبئاً كبيراً على مصادر التمويل غير الموثوقة وغير الرسمية لإعادة الإعمار، خصوصاً التمويل الحزبي بأي شكل من الأشكال.

أما بالنسبة لدور الدولة في عملية إعادة الإعمار، فاعتبر الخوري أن هذا الأمر مرتبط أوّلاً بإصلاح الموازنة، وتعديل النظام الضريبي والنظام المالي ونظام الحوكمة لتأمين إيرادات أكبر يمكن أن تسدّ حاجة التمويل التي تتجاوز ما تهدّم نتيجة الحرب بل تعود إلى العام 2019.

ختم الخوري: أمام لبنان 3 تحدّيات تحت عنوان ورشة إصلاح القطاع العام: الحوكمة، الكفاءة واستئصال الفساد. التحدّي الثاني هو إعادة جدولة الدين العام الأجنبي وإصلاح القطاع المصرفي. والتحدّي الثالث يرتبط بالتوترات الاجتماعية التي يمكن أن تسوق البلاد نحو الفوضى في حال لم يفلح العقل السياسي في إنجاز اصلاحات تسمح بالنمو. إن لم ننجح في هذه التحدّيات لن نحصل على قرش واحد!

Lebanon Eyes $16 Billion in Reconstruction Aid: A Roadmap for Economic Recovery

Following the ceasefire, Lebanese citizens returned to their regions, only to face the widespread destruction of homes and businesses. With approximately 50% of the economy impacted, preliminary damage estimates range between $10 to $15 billion. However, reconstruction requires political stability, starting with electing a president and forming a reform-driven government.

The Need for Effective Leadership

Attracting international funding demands a legitimate government capable of instilling confidence in global and regional partners while revitalizing trust in the banking sector to drive economic growth.

Expected Financial Support

Projections indicate Lebanon could secure $16 billion in aid over four years, distributed as follows:

  • $2 billion from the IMF.
  • $2 billion from the World Bank.
  • $5 billion from the EU and the US.
  • $7 billion from GCC countries.

Positive Scenario

If reforms are implemented, over half of the Lebanese diaspora may return to aid reconstruction efforts. GDP growth could rise from -7% in 2024 to 3.5% in 2025 and 6% by 2028. The exchange rate might improve from 89,500 LBP/USD to 65,000 LBP/USD by 2028, with inflation dropping to 3%.

Role of the Private Sector

Despite challenges, the private sector remains key to rebuilding efforts, particularly in tourism and industry. Yet, bureaucratic inefficiencies and corruption remain significant hurdles.

Challenges in Financing

  • Lebanon's placement on the Financial Action Task Force's gray list complicates access to informal funding sources.
  • Strict oversight of financial inflows further limits opportunities linked to illicit funding.

Necessary Reforms

To unlock aid, Lebanon must overhaul its financial systems, restructure public debt, enhance governance, and eliminate corruption.

Translated by economyscopes team

المصدر: رنى سعرتي – نداء الوطن

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *