الغلاء ينهش مائدة اللبنانيين.. وتوضيح من نقابة المستوردين

رغم استقرار سعر صرف الدولار منذ أكثر من عامين عند حدود 89 ألفًا و500 ليرة لبنانية، تشهد أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا متواصلًا، بحيث عادت أسعار السلع المستوردة إلى مستويات ما قبل الأزمة، في حين بقيت رواتب وأجور العاملين أدنى مما كانت عليه قبل الأزمة، بنسبة تتراوح بين 25 و50%. هذا التفاوت فاقم من الأعباء اليومية لدى الغالبية العظمى من اللبنانيين، خصوصًا الأسر الأشدّ فقرًا.

التضخم وأزمة الأسعار في لبنان

تُظهر مؤشرات البنك الدولي الأخيرة حول الأمن الغذائي، أنّ معدل التضخم في لبنان بلغ نحو 21% خلال الأشهر الإحدى عشرة الأخيرة، وهي من أعلى النسب المسجّلة بين الدول ذات “الدخل المتوسط الأعلى”. أمّا إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء فأعلنت أنّ “مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان لشهر أيلول 2025 سجّل ارتفاعًا قدره 0.60% بالنسبة لشهر آب 2024. كما أنّ التغيير السنوي لمؤشر أسعار الاستهلاك عن أيلول 2025 بلغ 15.06%، مقارنةً بشهر أيلول من العام 2024”.

أسباب ارتفاع الأسعار: محلية وخارجية

الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لفت إلى أنّ أسباب ارتفاع الأسعار تعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية:

  1. ارتفاع الأسعار عالميًا نتيجة الأزمات والحروب والمواسم الزراعية.

  2. ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين.

  3. غياب المنافسة في السوق اللبنانية.

وأوضح شمس الدين في حديث لـ”لبنان 24″ أنّ غياب المنافسة ناجم عن ضعف الملاءة المالية وصعوبة حصول التجار على تسهيلات مصرفية، بعدما كانوا في السابق يفتحون اعتمادات كبيرة مقابل ضمانات بسيطة، فيما يعتمدون اليوم على النقد في الاستيراد، ما قلّل من عدد المستوردين وساهم في احتكار السلع من قبل قلة تتحكم بالأسعار. وقال: “أدى ضعف المنافسة وغياب الرقابة إلى تركّز استيراد سلع معينة مثل الحبوب والزيوت في أيدي عدد قليل من التجار، مما أثّر على هيكل السوق وجعل مهام التسعير والاستيراد أكثر تعقيدًا”.

أرقام التضخم في المواد الغذائية: توضيح من نقابة المستوردين

رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، اعتبر أنّ الحديث عن ارتفاع بنسبة 20% في أسعار المواد الغذائية غير دقيق، موضحًا لـ”لبنان 24″ أنّ هذه النسب تشمل التضخم العام، لا الغذاء تحديدًا. وأضاف: “أرقام التقارير الدولية التي تشير إلى ارتفاع هائل في نسبة التضخم في لبنان، وفي أسعار المواد الغذائية، لا تنطبق على أرض الواقع. ويجب التمييز بين نسبة التضخم العام، التي تشمل كل السلع والخدمات، وبين نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

أقرّ بحصلي بارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة من منطقة اليورو، كالزيوت التي زادت أسعارها نحو 10%، بسبب ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار. لكنه أشار في المقابل إلى أنّ عام 2025 لم يشهد ارتفاعات واسعة في أسعار المواد الغذائية أو المحاصيل الزراعية.

تأثير التضخم على القطاعات الأخرى

شدد بحصلي على ضرورة الدقة في تداول الأرقام “كي لا يستغل البعض هذه التقارير لرفع الأسعار جزافًا”. وأكد أن التضخم الحقيقي في لبنان يظهر بوضوح في قطاعات أخرى، مثل العقارات والأقساط المدرسية والصحة، فضلًا عن ارتفاع الضرائب والرسوم وأسعار المحروقات، ما يخلق جوًّا تضخميًّا عامًا. وأشار إلى أنّ “الانطباع بارتفاع الأسعار قد يكون ناجمًا أكثر عن تراجع القوة الشرائية للمواطن، لا عن زيادة فعلية في أسعار السلع” لافتًا إلى أنّ بعض الأشهر شهدت تراجعًا في الأسعار، بحسب المراجع الوطنية.

الخلاصة: أزمات معيشية مستمرة

في المحصلة، يكشف الواقع الاقتصادي اللبناني عن مفارقة مفادها أنّ استقرار سعر الصرف لم يُترجم استقرارًا في الأسعار، والدولرة لم تضبط السوق السوداء ولم تلجم الزيادة في أسعار السلّة الغذائية، إذ ظلّ التضخم ينهش القدرة الشرائية للمواطنين، وسط غياب المنافسة وضعف الرقابة. وبينما تتباين القراءات حول نسب ارتفاع الأسعار، يتفق الخبراء على أنّ الأزمة المعيشية أعمق من مؤشرات السوق، وأنّ الحلّ لا يكمن في تثبيت الأرقام بل في استعادة الثقة، وضمان عدالة التوزيع بين دخل المواطن وكلفة المعيشة.


المصدر: نوال الأشقر – لبنان 24

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

قيادة الجيش اللبناني توضح بشأن الهبة المالية المزعومة للضباط قبل التقاعد

أصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني بيانًا رسميًا تنفي فيه ما تم تداوله على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *