الهدنة الاسمية: عام من الهدوء المهدد على الحدود اللبنانية
كشفت صحيفة “The Spectator” البريطانية في تحليل معمق عن تآكل اتفاق وقف إطلاق النار الموقع قبل ما يقرب من عام بين إسرائيل وحزب الله، والذي أنهى حرباً ضروساً استمرت شهرين. وعلى الرغم من أن الاتفاق جاء في وقت حرج لإنهاء الدمار الواسع الذي خلفته آلاف الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية في جنوب لبنان، وتشريد ما يقرب من $4$ آلاف لبناني، وتسبب بهجمات صاروخية لحزب الله أدت إلى إخلاء مساحات كاملة من شمال إسرائيل؛ فإن فعالية الهدنة اليوم أصبحت اسمية فقط.
انتهاكات متواصلة تهدد بانهيار الاتفاق
يشير التقرير إلى أن وقف إطلاق النار يتلاشى فعلياً، حيث تواصل إسرائيل استهداف أهداف في لبنان، سواء جنوب أو شمال نهر الليطاني، مبررة ذلك بأنه “إجراء دفاعي عن النفس” لمنع إعادة تسلح حزب الله.
-
إحصائيات الضحايا: أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان استشهاد أكثر من 100 مدني لبناني في الهجمات الإسرائيلية منذ توقيع الاتفاق في نوفمبر 2024.
-
الموقف اللبناني الرسمي: وصلت الأوضاع إلى درجة حرجة أجبرت رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، على إصدار أمر للجيش اللبناني بمواجهة إسرائيل في حال تكرار الأحداث المماثلة.
معضلة الخط الأزرق والتفسيرات المتضاربة
تجد الإدارة اللبنانية نفسها منفرة من العمليات العسكرية الإسرائيلية، حتى مع كونها ليست صديقة ولكنها ليست معادية أيضاً. التحدي الأكبر يكمن في التفسير المزدوج للعمليات العسكرية:
-
إسرائيل: تسمي الضربات المستمرة “دفاعاً عن النفس”.
-
حزب الله والحكومة اللبنانية: يسمونها “انتهاكات لوقف إطلاق النار”.
شروط الانسحاب الإسرائيلي المتوقفة
رغم انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء سيطرت عليها خلال الحرب، لا يزال الجيش الإسرائيلي يسيطر على خمس نقاط منفصلة على الجانب اللبناني من الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة، ما يعد خرقاً فنياً لشروط الاتفاق.
المطالب الإسرائيلية:
-
يربط المسؤولون الإسرائيليون، مثل وزير الدفاع إسرائيل كاتس، الانسحاب الكامل بحل الحكومة اللبنانية لـ “حزب الله”.
-
أكد كاتس أن إسرائيل لن توقف الغارات طالما أن حزب الله يمتلك أسلحة، مشدداً على ضرورة تنفيذ التزام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الحزب وإخراجه من جنوب لبنان.
ورطة واشنطن وتوصيات التطبيع غير المجدية
تجد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسها في مأزق دبلوماسي. يحذر المبعوث الخاص توم برّاك من أن حزب الله لا يزال يمتلك مخزوناً ضخماً يقدر بـ 15 ألف صاروخ ويعوض ما فقده في الحرب الأخيرة.
-
توصية التطبيع: نصح برّاك الحكومة اللبنانية بالعمل على التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل.
-
الجدل حول التوصية: يرى التقرير أن هذه التوصية “لا معنى لها على الإطلاق”، إذ يجد المسؤولون اللبنانيون صعوبة في تبرير محادثات التطبيع بينما تستمر القنابل الإسرائيلية في قتل مواطنين لبنانيين على الأراضي اللبنانية، الأمر الذي سيعرض صدقية الإدارة اللبنانية للخطر.
معضلة الدجاجة والبيضة في الجيوسياسية الإقليمية
الوضع يمثل معضلة الدجاجة والبيضة جيوسياسياً، حيث لا يوجد حافز لأي طرف للتراجع:
-
حزب الله: لن يتخلى عن أسلحته ما دامت إسرائيل مستمرة في الهجوم.
-
إسرائيل: لن تتوقف عن التعامل مع لبنان كـ “قطعة أرض خاصة” ما دام حزب الله يرفض نزع سلاحه والتحول إلى حزب سياسي سلمي.
يزداد هذا التعقيد بسبب دول الخليج، التي من غير المرجح أن تمول إعادة إعمار لبنان ما لم يتم ضمان انتهاء الحرب بشكل حقيقي.
بصيص الأمل المتبقي في خضم التوتر
رغم التهديدات، هناك بعض النقاط الإيجابية التي تمنح بصيص أمل:
-
غياب الحرب الشاملة: لم يحدث استئناف للحرب الشاملة الذي كان متوقعاً.
-
الهدوء النسبي: سجل شمال إسرائيل هجوماً صاروخياً واحداً فقط من لبنان، وعاد السكان النازحون.
-
تعاون الجيش اللبناني: أثبت الجيش اللبناني، رغم نقص التمويل، التزاماً بتنفيذ أحكام الاتفاق وتوسيع سلطة الدولة في الجنوب.
-
الحكومة اللبنانية الجديدة: رئيسها من أبرز المروجين لتفكيك حزب الله ووضع كل الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
إن تحديد الإجابة على هذه المعضلة الجيوسياسية سيحدد ما إذا كان لبنان سيبقى في المنطقة الرمادية بين الحرب والسلام، أو ينزلق نحو دوامة عنف جديدة، أو يحصل على فرصة حقيقية لإعادة الإعمار والتنمية.
المصدر: رصد موقع سكوبات عالمية إقتصادية
سكوبات عالمية إقتصادية – EconomyScopes إجعل موقعنا خيارك ومصدرك الأنسب للأخبار الإقتصادية المحلية والعربية والعالمية على أنواعها بالإضافة الى نشر مجموعة لا بأس بها من فرص العمل في لبنان والشرق الأوسط والعالم