النزوح والتضخم: عوامل تفاقم “القنبلة الاجتماعية الموقوتة”
عاد هاجس السكن ليؤرق اللبنانيين، حيث تشكل أزمة الإيجارات وجهاً جديداً من وجوه الانهيار الاجتماعي والاقتصادي. يرجع الخبراء هذا الارتفاع الحاد في أسعار الإيجارات إلى تداخل عوامل حادة:
-
العامل الأمني (النزوح): التوترات المستمرة والاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب والبقاع أدّت إلى موجات نزوح داخلي متزايدة، ما رفع الطلب بشكل جنوني على السكن في المدن الكبرى والمناطق “الأكثر أماناً” مثل الجديدة وبعض مناطق جبل لبنان.
-
العامل الاقتصادي (العملة): انهيار العملة الوطنية وارتفاع سعر صرف الدولار زادا من الضغط على المستأجرين، في ظل تحويل أغلب العقود إلى الدولار النقدي.
-
عامل العرض والطلب: تراجع حركة البناء وقلة المعروض من المساكن بسبب الهجرة الكثيفة للعائلات اللبنانية، مما حوّل السوق إلى ساحة مفتوحة لـ المضاربة ورفع الأسعار بلا ضوابط.
تحذير الخبراء: يصف خبراء الاجتماع أزمة الإيجارات بأنها “قنبلة اجتماعية موقوتة”، مسببة اضطرابات نفسية وعائلية وتعميقاً للفوارق الطبقية.
معاناة العائلات: الحل في “المشاركة” أو “العودة إلى القصف”
تتقاطع قصص العائلات اللبنانية واللاجئة لتكشف عن أزمة خانقة، حيث لا تكفي الأجور المتدنية لتغطية بدل إيجار بسيط:
-
خيارات النزوح المُرّة: تضطر الأسر إلى الانتقال إلى مساكن أصغر، أو مشاركة المنازل بين أكثر من عائلة (كما في حالة مها)، أو حتى العودة إلى القرى رغم المخاطر الأمنية.
-
شهادات حية:
-
ريما (النازحة من الجنوب): إيجار “متواضع جداً” في الجديدة يصل إلى $500$ دولار، ولا بديل أمامها.
-
عماد (الضاحية): الأسعار تضاعفت أحياناً ثلاث مرات مقارنة بالعام الماضي.
-
جورج (موظف): اضطر للانتقال من شقة في الأشرفية بسبب طلب رفع الإيجار إلى $900$ دولار، ليتحمل عبء التنقل اليومي.
-
في المقابل، يرى بعض أصحاب العقارات أن “ارتفاع الإيجارات مبرر”، بسبب ارتفاع فواتير الكهرباء والمولد والضرائب بالدولار، والحاجة إلى صيانة المباني.
الخلل البنيوي: غياب “الرقابة الرسمية” والسياسة السكنية
يرى الخبراء أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات طويلة الأمد ناجمة عن غياب سياسة سكنية وطنية متكاملة منذ عقود.
-
التفلت القانوني: تحدد بدلات الإيجار بشكل عشوائي وفق مزاج السوق وسعر صرف الدولار، دون ضوابط قانونية أو سقوف تحمي المستأجرين.
-
غياب المرجعية: أكد مصدر قانوني أنه “لا يوجد مرجع رسمي يحدد سقفا للإيجارات”، ما يجعل السوق رهينة للمضاربات والمزاج الفردي، بينما البلديات ووزارة الشؤون الاجتماعية غير قادرة على التدخل الفعلي.
-
تآكل القوانين: القوانين القديمة لم تعد صالحة، والحديثة “غائبة أو مجمدة”، مما جعل السكن يتحول من حق أساسي إلى امتياز اجتماعي.
الخروج من النفق: الحاجة إلى خطة إسكانية طارئة
يشدد المتخصصون على أن الحل يتطلب مقاربة شاملة تجمع بين التنظيم القانوني والدعم الاجتماعي:
-
التنظيم القانوني: فرض ضوابط واضحة على رفع بدلات الإيجار، تضمن التوازن بين حقوق المالك وقدرة المستأجر، مع إلزام بعقود رسمية.
-
الدعم والإسكان الاجتماعي: تفعيل برامج التمويل البنكي منخفض الفائدة لتشجيع البناء، وتطوير مشاريع سكنية مدعومة حكومياً للفئات محدودة الدخل.
يختتم التقرير محذراً: إذا لم تبادر الحكومة إلى وضع خطة إسكانية طارئة تشمل مراقبة الأسعار ودعم الإيجارات، فإن لبنان قد يشهد قريباً موجة تشريد داخلية جديدة، عنوانها: “البيت لمن يستطيع الدفع بالدولار”.
المصدر: الديار – ربى أبو فاضل
سكوبات عالمية إقتصادية – EconomyScopes إجعل موقعنا خيارك ومصدرك الأنسب للأخبار الإقتصادية المحلية والعربية والعالمية على أنواعها بالإضافة الى نشر مجموعة لا بأس بها من فرص العمل في لبنان والشرق الأوسط والعالم