lebanese flag
lebanese flag

“النووي الإيراني” وأزمة لبنان الاقتصادية

لم يكن لبنان يوماً في التاريخ الحديث غير منخور بالفساد والرشاوى والصفقات، ولم يكن يوماً في التاريخ الحديث دولة تخطيط ورؤيا قائمة على المواطنة، فيما بقي مبحراً في بحر هائج من المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية، فالفساد ليس مستجداً ولا المحسوبيات ولا الصفقات لكن هناك ما تغيّر وأوصل الحال لما هي عليه.

فبعد عام 2005 حكم حزب الله لبنان بتفاهمات سياسية (2006) أو باغتيالات (2005 – 2021) أو بغزوة العاصمة بيروت في 2008. لكن بين عامي 2005 و2018 تمكّن لبنان من البقاء “حياً” بجرعات من العيش، ولو قليلة، مما يتيح له الاستمرارية. بين الفينة والفينة، هزة أمنية يليها استقرار فسياحة و”بعض الأمل”. إلا أن كل ذلك انتهى عام 2018 وبدأ الانحدار وصولا للانهيار. لماذا؟ ومن المسؤول؟

مع عودة العقوبات الأميركية على إيران عام 2018 وجراء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي دخلت طهران وأذرعها بضائقة اقتصادية غير مسبوقة. ففي حين بات 80% من الشعب الإيراني يعيش في الفقر اليوم من جراء مغامرات نظامه التوسعية وصرفه المليارات على ميليشياته، كان لابدّ لهذه الأذرع أن تلعب دورها للبقاء كجزء من أوامر مشغّلها على قاعدة “أعطيناكم السلطة، استغلوها للبقاء وتأمين استمراريتكم حاليا.. وكونوا جاهزين لمدّنا بما نحتاجه في هذه المرحلة”.

حزب الله كان يحصل سنويا على قرابة 800 مليون دولار كميزانية سنوية من إيران (تقارير محلية وغربية ذات صدقية) قال زعيمه حسن نصرالله في إحدى خطبه “طالما إيران بخير فنحن بخير، أموالنا تأتينا من هناك.. أكلنا وشربنا وسلاحنا ورواتب مقاتلينا تأتينا من الجمهورية الإسلامية في إيران”.

لكن فات لكثيرين ما هو بين أسطر هذه التصريحات ألا وهو: “طالما إيران بخير”، لكنّ النظام الإيراني نفسه يعلم أنه ليس بخير! فكان على نصرالله أن يتحمّل المسؤولية في هذه المرحلة ويحافظ على استمرارية حزب الله في هذه الظروف الدقيقة، ويمدّ طهران بما تحتاجه. من هنا بدأ كل ذلك جهارا على حساب الشعب اللبناني. فحين كان “الاقتصاد الأسود” يسير يدا بيد مع الاقتصاد الرسمي كان اللبنانيون متغاضين عما يجري في المعابر غير الرسمية وفي المرفأ وفي المطار وفي التجارات القانونية وغير القانونية التي يعتمد عليها الحزب. أما بعد عام 2018 فبدأت تتضارب المصالح وكان لا بد للاقتصاد الأسود أن يبدأ باستنزاف الاقتصاد الرسمي ولو كان الثمن دفن الاقتصاد اللبناني.

فحزب الله اللبناني ككل التنظيمات العسكرية التي تقتات على الحروب أصابه الشح الإيراني لا بل طلبت منه إيران مدّها بالعملات الأجنبية والنقد النادر (الدولار) بعد عام 2018.

يضم الاقتصاد الأسود مؤسسات اجتماعية، مثل “مؤسسة الشهداء”، جمعية الإمداد الخيرية، شركات مقاولات وتعهدات أشغال بنى تحتية، بالإضافة إلى تعاونيات استهلاكية وشركات تصنيع المطاط الصناعي، وتجارة السيارات. ولعل المؤشر الأبرز في الاقتصاد الموازي لـ”حزب الله” هو “جمعية قرض الحسن” وباتت أشبه بمصرف مركزي لمنظومة الحزب المالية. وإلى جانب المرافق العامة (المطار والمرفأ والمعابر البرية)، ساهم التهريب عبر المعابر غير الشرعية بدعم اقتصاده الموازي، وهو ما حرم الخزينة اللبنانية من عائدات الجمارك وفي استنزاف احتياطي “مصرف لبنان” من العملات الصعبة، لأن معظم السلع المهرّبة مثل المحروقات والقمح مدعومة من البنك المركزي وفق سعر الصرف الرسمي لليرة مقابل الدولار (1515 ليرة لبنانية). هذا غيض من فيض يعلمه كل لبناني ولن نتوسّع فيه، إلا أن حزب الله بعد 2018 خصوصاً لم يسعَ فقط لتعويض ما لم يصله من إيران بل ذهب حتى دعم النظام الإيراني مما يحتاجه على حساب الشعب اللبناني.

فطرح استيراد المحروقات من إيران – ويعمل على الموضوع – لا لإنقاذ اللبنانيين إنما لبيع المحروقات بالعملة المحلية ليشتري بها ما هو متوفر من دولارات في السوق المحلية وإعادة إرسالها إلى طهران حتى لو كان ذلك قد يرفع سعر صرف الدولار في لبنان إلى مستويات من دون سقف أعلى. وليس بيع النفط الإيراني لقاء الدولارات هو مطلب نظام طهران الوحيد. فحزب الله يستورد الأدوية والمعدات الطبية منها ليبيعها ويضخ ثمنها بالدولار بما يعود بالفائدة على الحرس الثوري.

من المطار إلى المرفأ والمعابر تسير سياسة الصمود الاقتصادي الاستراتيجي مع طهران. فعندما استعاد لبنان استثمار مرفأ بيروت من الشركات العثمانية والفرنسية وتكبد المليارات لقاء إعادة المرفأ إلى حضن المُلك العام للدولة اللبنانية، أباحه حزب الله له وهرّب منه كل أنواع البضائع والسلع من دون تسديده للرسوم والضرائب المتوجبة عليها. ولم يكتف بما جناه من مليارات بحيث خزّن الصواريخ والسلاح والنيترات في عنابر المرفأ التي أدّت لتدمير نصف العاصمة بيروت دمارا وخرابا وتهجيرا (انفجار 4 آب – أغسطس).

وبعد إعادة فرض العقوبات كان التركيز على نظام مصرفي مواز للمصارف اللبنانية يشتري من خلاله حزب الله الدولار والذهب مقابل العملة اللبنانية. أعلن نصر الله أن “القرض الحسن” تداول بملياري دولار في السنوات الأخيرة. بالتالي، أمسك حزب الله بشبكة مالية من القرض الحسن ومكاتب الصيرفة لجمع الدولارات وإرسالها براً إلى السفارة الإيرانية في سوريا.

إلى هذه الأمثلة تُضاف سيطرة حزب الله على شبكة الاتصالات بعد مد شبكته الخاصة التي لم يتورع من احتلال بيروت في 7 ايار 2008 حماية لهذه الشبكة التي يدير من خلالها الاتصالات الخارجية ويقبض ثمن فواتيرها ويعيد ضخ قسم منها إلى نظام الملالي بحجة وحدة الساحات والتضامن مع طهران.

بالختام، أوصل حزب الله ومن ورائه إيران لبنان إلى مصير قاتم تقرّره المفاوضات الأميركية – الإيرانية. فإذا اتفقت واشنطن وطهران (كما بين 2003 و2015) تسلّم حزب الله البلاد سياسياً، وإذا اختلفتا (2018) دفع الشعب اللبناني الثمن اقتصاديا، حيث إن حزب الله سيختار كما دوما استمراريته ومصالح طهران على حساب الشعب اللبناني حتى لو كان الثمن تجويعه كما هو حاصل اليوم.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

تحديث سعر صرف الدولار اليوم

سعر صرف الدولار الآن اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة التحديث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *