مكانة الدولار مهدّدة!

يجري الآن تحول عميق في التمويل العالمي مع نمو العملات المشفرة على مدى السنوات القليلة الماضية بشكل ملحوظ في جميع البلدان المتقدمة.

وارتفعت بيتكوين، اليوم الاثنين، إلى 65121 دولارا، وسجلت إيثريوم، المرتبطة بشبكة إيثيريوم، مستوى غير مسبوق عند 4711 دولارا.

وفي الوقت الحاضر، تستخدم العديد من المؤسسات المالية في العالم العملة المشفرة لتبادل العملات والتداول.

وعلى الرغم من أن الدولار لا يزال العملة الدولية المهيمنة، إلا أن هناك نقاشا مثيرًا للجدل حول ما إذا كان يمكن استبداله بالعملات الرقمية، أو أنّه في طور التغيير.

وبينما لا يزال من غير المحتمل وجود عملة ورقية أخرى تحل محل الدولار على المدى القصير، فإن تطوير العملات الرقمية في شكل عملات رقمية للبنك المركزي (CBDC) وعملات مشفرة غير مركزية وعملات رقمية للقطاع الخاص تشكل جميعها تهديدات للولايات المتحدة وقدرتها على الاستمرار في جني المكاسب من أنظمة الدفع الحالية، والاستفادة من مركزية الدولار لفرض العقوبات والتأثير على المعاملات المالية الدولية على المدى الطويل، وذلك بحسب تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ويشير التقرير أيضاً إلى أنّ القيمة السوقية للأصول المشفرة نمت بشكل ملحوظ، وسط تقلبات أسعار كبيرة. فخلال أوائل شهر مايو/أيار، تضاعفت القيمة السوقية ثلاث مرات تقريبًا في عام 2021 إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق لتبلغ 2.5 تريليون دولار، وأعقب ذلك انخفاض بنسبة 40 في المائة في الشهر ذاته.

وعادت القيمة السوقية للأصول المشفرة لترتفع مرة أخرى في مايو/ أيار أيضاً إلى أكثر من تريليوني دولار بزيادة قدرها 170 بالمائة خلال العام وإلى غاية أكتوبر/تشرين الأول.

أصول متقلبة

أمام نمو سوق الأصول المشفرة والفوائد الملموسة التي يمكن تحقيقها، من الضروري التنويه إلى أنّ معظم الأصول المشفرة هي أصول متقلبة للغاية ومضاربة، وهو ما يعرّض نظام التشفير البيئي لمخاطر احتيال المستهلك ومخاطر نزاهة السوق.

ومن الأمثلة الحديثة البارزة على هذه المخاطر، وفق تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، هو زيادة اهتمام المستثمرين بـ”الرموز المميزة المعروفة بالإنكليزية باسم (meme Tokens)، وأبرزها “دوجكوين” و”شيبا إينو” التي تأثّر سعرها بشدة باتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن المحتمل أن يواجه المستثمرون فيها خسائر فادحة نتيجة اختفائها من الوجود، وهو أمر أقل شيوعًا في أسواق الأوراق المالية المنظّمة.

على سبيل المثال، تم إدراج أكثر من 16000 رمز مميز في بورصات وتطبيقات مختلفة بمرور الوقت، لكن لم يبق منها إلى غاية اليوم سوى حوالي 9000.

وتعدّ التيثر أكبر عملة مستقرة انخفضت حصتها في السوق بشكل حاد، حيث قدمت بورصات التشفير المركزية الرئيسية إصداراتها الخاصة بحسب صندوق النقد الدولي.

أمّا الإيثيريوم وغيرها من سلاسل العقود الذكية الأخرى فلا تزال مستمرة، ورغم أن بيتكوين هي الأصل المشفر المهيمن، لكن حصتها في السوق انخفضت بشكل حاد في عام 2021 من أكثر من 70% إلى أقل من 45%.

عملات مستقرة

تبقى مخاطر العملات المشفرة المستقرة أقل، حيث تضاعفت قيمتها السوقية أربع مرات في عام 2021 لتتجاوز 120 مليار دولار، وفاقت أحجام تداولها حجم جميع الأصول المشفرة الأخرى، كونها قابلة للاستخدام بشكل كبير لتسوية الصفقات الفورية والمشتقات في البورصات.

وأحد المحركات الرئيسية للنمو السريع للعملات المستقرة هو التمويل اللامركزي الذي يستلزم اهتمامًا وثيقًا، إلى جانب العديد من القوى الدافعة للتشفير.

وعلى سبيل المثال، تعزز سياسات الاقتصاد الكلي غير السليمة جنبًا إلى جنب مع أنظمة الدفع غير الفعالة في بعض الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية إلى اعتماد العملة المشفرة.

كذلك، يمكن أن يؤدي ضعف مصداقية البنك المركزي والنظام المصرفي الهش إلى استبدال الأصول، حيث يسعى المواطنون إلى تخزين أكثر أمانًا للقيمة.

نمو صناديق إدارة الأصول المشفرة

أشار تقرير صادر حديثا عن “ماركتس آند ماركتس” إلى أنه من المتوقع أن ينمو حجم سوق صناديق إدارة الأصول المشفرة العالمية من 0.4 مليار دولار في عام 2021 إلى 1.2 مليار دولار بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 21.5% خلال فترة التوقعات.

ووفقا للتقرير، فإن “العوامل الرئيسية التي من المتوقع أن تدفع نمو سوق إدارة الأصول المشفرة تشمل ارتفاع التحويلات في البلدان النامية والنمو في استثمارات رأس المال الاستثماري، والحاجة إلى حماية أصول العملة المشفرة، وانتشار تقنية الـ”بلوكتشين”.

وتمتلك هذه التقنية القدرة على توفير أمان عالي المستوى للأصول الرقمية والعملات المشفرة، حيث يمكن للمستخدمين تفويض المعاملات من دون الحصول على أي إذن من السلطات المركزية، كما تتضمن بعض حالات الاستخدام الرئيسية لـ”بلوكشين” تبادل الأموال والعقود الذكية والتصويت.

ويبقى الافتقار إلى المعرفة والوعي العام بالعملات المشفّرة أحد أكبر القيود التي تحول دون اعتمادها.

تتجه للعملات المشفرة

وتتجه الشركات نحو اعتماد العملات المشفرة بسرعة، نظرا لأن العديد من شركات الدفع العالمية بدأت منذ فترة وجيزة فقط في الاندماج مع النظام البيئي للعملات المشفرة، ولا سيما العملات المستقرة.