دولار 13
دولار 13

كيف تلقّت الأسواق النقدية والتجارية قرار الدولار الجمركي؟

يتكبّد المستهلكون في لبنان أكلافاً مضاعفة، حيث ترتفع أسعار السلع تدريجياً بشكل شبه يومي، جراء التفاعل المسبق للأسواق النقدية والاستهلاكية مع التوجهات الرسمية المعلنة لرفع تسعيرة الدولار الجمركي من متوسط 1515 ليرة إلى 20 ألف ليرة، في حين تعجز الحكومة عن تحديد المرجعية الصالحة لتحمّل مسؤولية حسم القرار العالق، بعدما امتنعت وزارة المال، وحتى إشعار آخر، عن استكمال المهمة.

وبدا أن التهيّب السياسي من تداعيات التضخم التي ستطرأ على أسعار السلع المستوردة جراء رفع الرسوم الجمركية بمعدل 13 ضعفاً دفعة واحدة، فرض، بحسب مصادر مالية متابعة، تحولاً نوعياً في مضمون التوجهات، حيث بوشر البحث جدياً في خفض المقاربة السعرية المقترحة لتصبح بين 8 آلاف أو 12 ألف ليرة لاحتساب الرسوم على المستوردات، بالتزامن مع إصدار إعفاءات تامة تشمل السلع الغذائية والحيوية كافة، والتعهد بالسعي إلى وضع آليات تكفل الحد من عمليات الاحتكار التجاري والتهريب عبر الحدود.

وفي الأثناء، تلقفت الأسواق النقدية والتجارية التسعيرة المقترحة للدولار الجمركي كأمر واقع ومحقّق. فاستعادت المضاربات على العملة الوطنية زخمها القوي في الأسواق الموازية (غير النظامية) ليبلغ سعر تداول الدولار عتبة 34 ألف ليرة، وسط ترقبات بتفلت أوسع نطاقاً في حال توسع الجدل السياسي واستمرار الإرباكات القائمة، فيما يضطر البنك المركزي إلى اللحاق بالسعر الواقعي عبر رفع سعر الدولار عبر منصة «صيرفة» إلى نحو 27 ألف ليرة.

وبالتوازي، اندفعت أسعار الاستهلاك صعوداً من دون تفريق بين السلع المستوردة والمنتجة محلياً؛ حيث رصدت جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» عمليات إعادة تسعير يومية في السوبر ماركت ومحال بيع التجزئة قاربت حصيلتها زيادات تعدّت متوسطاتها 20 في المئة خلال الأيام القليلة الماضية، فضلاً عن تكثيف عمليات التخزين من قبل المستوردين والتجار، ترقباً لارتفاعات إضافية.

وتترقب الأسواق موجة إضافية لارتفاع أسعار الاستهلاك جراء ارتفاع كلفة النقل والانتقال وبدلات التزود بالكهرباء من المولدات الخاصة، وذلك ربطاً بتوقع تسجيل ارتفاعات استثنائية على أسعار المحروقات كافة، في ظل التحسب المسبق لما سيرسو عليه سعر الدولار الجمركي وتوجه مصرف لبنان إلى اعتماد خفض جديد على نسبة الـ70 في المئة لشراء الدولار «المدعوم» عبر منصة «صيرفة» والمتاحة حالياً لصالح المستوردين، مما يضاعف الأثر التلقائي لسعر الدولار في الأسواق الموازية، إضافة إلى عودة أسعار النفط إلى الارتفاع في الأسواق العالمية.

ويلفت مسؤول مالي بارز، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى أن تسريب مضمون الكتاب الرسمي الموجه من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى وزير المال يوسف الخليل والمتضمن طلب استكمال اقتراح المرسوم الخاص برفع سعر الدولار الجمركي بعد رده من قبل رئاسة الجمهورية، كشف حقيقة تقاذف كرة القرار وخفايا «التنصّل» من حمل مسؤوليته، ما جعل القرار الموعود «لقيطاً» لا يجد من يدفع به أو يدافع عنه.

والمثير أكثر في حيثيات ما يحصل من إرباكات على الجبهة الحكومية والسياسية بشأن دولار الاستيراد، بحسب المسؤول المالي، أن المواقف المؤيدة والرافضة تتشارك في تجنّب الغوص في صلب المسألة وخلفياتها القانونية والإجرائية. فالأصل هو سعر صرف الليرة الذي يفترض سريانه على مجمل أبواب الإنفاق والإيرادات في الموازنة العامة للدولة أساساً، ثم في جميع التعاملات التجارية والنقدية والمصرفية، وبالتالي فإن إضافة أي سعر جديد على تشكيلة الصرف السارية سيفضي عاجلاً أم آجلاً إلى تعميق قعر الانهيارات الشاملة التي تشهدها البلاد واقتصادها وتوسيع دائرة الفقر التي تحاصر أكثر من 80 في المئة من المقيمين، فضلاً عن تأجيج الفوضى النقدية والمالية العارمة التي تضرب المداخيل والمدخرات والقدرات الشرائية من دون هوادة على مدار ثلاثة أعوام متتالية.

والأغرب في الموضوع، وفقاً للمسؤول المالي، أن الحكومة عينها أقرت في مفاوضاتها مع فريق صندوق النقد الدولي بأن نظام الصرف الحالي لم يعد مستداماً، بعدما أصبح معقداً ومشوهاً بسبب تعددية أسعار الصرف وصار عرضة لسوء الاستخدام نظراً لافتقاره إلى الشفافية والوضوح. وتعهدت تالياً، بإنشاء هيكل نقدي جديد لاستعادة الثقة وكبح جماح التضخم وانخفاض سعر الصرف، ووضع آلية شفافة تعتمد على السوق في تحديد أسعار الفائدة والصرف. وبيّنت في هذا الصدد، أنها ستقوم بتوحيد سعر الصرف للمعاملات المصرّح بها بعد تحويل منصة «صيرفة» إلى منصة تداول ملائمة تجري من خلالها جميع المعاملات المصرّح بها ويُحدد سعر الصرف فيها على أساس يومي.

كذلك، ورد في تعهدات الحكومة، تركيز الجهود المتعلقة بالإيرادات على إعادة بناء قدرة تحصيل الضرائب ورسوم الجمارك، من خلال تعزيز الإدارة وتحسين الامتثال الضريبي. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقييم التعرفة الجمركية على الواردات بسعر الصرف الرسمي الموحد الجديد، وبإضافة عدة رسوم أخرى، إلى جانب الاعتراف بضرورة زيادة الرواتب عن طريق تخصيص المنح الاجتماعية لاستئناف الخدمات العامة التي كانت على وشك الانهيار، رغم أن هذا الإجراء لم يقطع شوطاً طويلاً في درء التدهور الحاد في رواتب القطاع العام.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تعميم 1000 دولار يدخل حيز التنفيذ: الصيارفة يواجهون تحديات تطبيق “اعرف عميلك” وتحديث البرامج

مقدمة: تطبيق تعميم مصرف لبنان على المؤسسات المالية غير المصرفية دخل تعميم مصرف لبنان (BdL) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *