لبنان يتفادى «موقتاً» اضطرابات رفع الدولار الجمركي… والتضخم يتفاقم

يشهد مؤشر التضخم في لبنان اندفاعة غير مسبوقة على المستويين الشهري والتراكمي، بفعل تجمع استثنائي للعوامل المحفزة وبدفع من توجهات الحكومة لرفع قيمة الدولار الجمركي بنحو 13 ضعفاً، وتسريع إجراءات البنك المركزي في التخلي عن الدعم الجزئي لمادة البنزين، فضلاً عن التأثيرات التلقائية لموجة التضخم في العالم، ربطاً بتداعيات حرب أوكرانيا.

وفي تطور بارز ومتصل، أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفداً من الهيئات الاقتصادية بأن موضوع الدولار الجمركي يلزمه اقتراح قانون من مجلس النواب، وبأنه على المجلس أن يتخذ قراراً في شأنه. وبذلك فرض التهيب الحكومي والسياسي، بحسب مصادر معنية، تأخير البت في هذه الخطوة إلى أمد غير محدد تخوفاً من اضطرابات تنتج عن تفاعلاتها الكارثية على المستوى المعيشي، وبالتالي وجوب المساهمة، ولو نسبياً، في «تبريد» الحماوة المشهودة التي تشهدها أسواق الاستهلاك، بعدما تفاعلت مع رفع السعر بوصفه أمراً واقعاً ومرتقباً خلال أيام قليلة.
وبالفعل، بدا المشهد المعيشي مقبلاً بسرعة غير عادية على وقائع كارثية عشية الدخول في موسم الخريف الذي يفرض مصاريف مستجدة ووازنة على موازنات الأسر المنهكة أساساً، لا سيما بينها المخصصات المطلوبة للمدارس والجامعات وتحضير احتياجات التدفئة لفصل الشتاء، ومعها الاحتياجات التموينية التقليدية والتي تشكل إنفاقاً ضاغطاً بقوة وبالأخص في المناطق الريفية والجبلية. ومعلوم أن المعدل التراكمي لارتفاع أسعار الاستهلاك بلغ مستوى 1300 في المائة خلال 3 سنوات متتالية من الانهيارات المستمرة نقدياً ومالياً.
وحتى قبل التحقق من علو موجة الغلاء المستجدة، الذي تقول مصادر وزارية واقتصادية إنه قد يتراوح بين 20 و30 في المائة جراء قرار رفع سعر الدولار الجمركي، سجل مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان، وفق إدارة الإحصاء المركزي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ارتفاعاً بنسبة 50 في المائة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مراكماً بذلك نسبة بلغت 169 في المائة على مدار سنة قياساً بمستوى المؤشر في الفترة عينها من العام الماضي.
وفي الوقائع المستجدة للمؤشر التي ستضاف إلى حصيلة الشهر الحالي، تسجل أسعار المشتقات النفطية كافة ارتفاعات متتالية، ربطاً بارتفاع سعر تداول الدولار في الأسواق غير النظامية، والتي تعكس سعر الصرف الواقعي للعملة الوطنية من جهة، وأيضاً إقدام البنك المركزي على الخفض المتدرج لحصة الشركات المستوردة من التصريف عبر منصة «صيرفة» والتي توفر الدولار النقدي (البنكنوت) بسعر نحو 27 ألف ليرة حالياً، مقابل نحو 34 ألف ليرة للسعر الرائج في المبادلات.
وتعلو الهواجس لدى المستهلكين من تكريس التوجه إلى اعتماد سعر للمحروقات يبلغ نحو 20.5 دولار لكل صفيحة بنزين (20 ليتراً)، مما يرفع السعر فوراً بنسبة تتعدى 15 في المائة. وفيما أكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، أن «المصرف المركزي يواصل سياسة رفع الدعم التدريجي عن البنزين»، صدر أمس جدول الأسعار مع تعديل في نسبة الدولار المدعوم والمؤمن من قبل «مصرف لبنان» وفقاً لمنصة «صيرفة»، من 70 إلى 55 في المائة. وبذلك ارتفع سعر صرف الدولار للنسبة غير المدعومة والبالغة 45 في المائة والتي تجري تغطيتها عبر الأسواق الموازية من 33.15 ألف ليرة إلى 33.95 ألف ليرة.
وليست الأحوال بأفضل في أسواق الاستهلاك، حيث تغيب، بشكل شبه تام، عمليات الرقابة والتحقق في شكل رسمي من توسع نطاق التسعير العشوائي والاحتكارات، بينما يلمس المواطنون، وفق ما رصدت «الشرق الأوسط»، ارتفاعات محمومة تطرأ يومياً على أسعار المواد والسلع كافة وبنسب تعدت متوسطاتها 20 في المائة خلال أسبوع واحد بذريعة تقهقر سعر الليرة والاحتساب المسبق لارتفاع سعر الدولار الجمركي، فضلاً عن تقنين التسليمات إلى السوبر ماركت ومحلات البيع بالتجزئة توخياً من كبار المستوردين والتجار لتحقيق أرباح إضافية لأن البضائع المخزنة محتسبة على السعر الرسمي للدولار الجمركي قبل رفعه المرتقب.
وفي حين حذر نقيب مستوردي المواد الغذائية، هاني بحصلي، من «كارثة في الأسعار في حال ارتفاع الدولار الجمركي ودولار السوق السوداء معاً»، أشار إلى أن «ارتفاع أسعار البضائع الذي يترافق مع ارتفاع سعر الصرف هو حماية للرساميل وليس ربحاً». ورداً على سؤال عن اعتماد التسعير بالدولار، قال إن «جدلاً يدور في هذا الإطار، لا سيما أن قانون حماية المستهلك يفرض الدفع بالليرة».

المصدر : الشرق الأوسط

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

حماية الأقليات السورية, الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين, المجازر في الساحل السوري, النازحون السوريون, الولايات المتحدة تدين الإرهاب في سوريا, النازحين المسيحيين في سوريا, القتل الطائفي في سوريا, أقليات دينية في سوريا, وزارة الخارجية الأمريكية, العنف الطائفي في سوريا, فرنسا تدين تجاوزات طائفية, ألمانيا تقف مع الأقليات السورية, المجازر ضد الأقليات السورية, الجرائم الطائفية في سوريا, الدعم الأمريكي للأقليات السورية, الجيش السوري والانتهاكات الطائفية, المرصد السوري لحقوق الإنسان, السلطات السورية المؤقتة, الوضع الأمني في سوريا, القتلى العلويين في سوريا, Islamic extremists in Syria, Massacres in Syrian coastal areas, Syrian refugees, US condemns terrorism in Syria, Christian refugees in Syria, Sectarian killings in Syria, Religious minorities in Syria, US foreign policy Syria, Sectarian violence in Syria, France condemns sectarian abuses, Germany supports Syrian minorities, Massacres against Syrian minorities, Sectarian crimes in Syria, US support for Syrian minorities, Syrian army and sectarian violations, Syrian Observatory for Human Rights, Transitional Syrian government, Security situation in Syria, Alawite casualties in Syria

واشنطن تحذّر لبنان: الفرصة سانحة لكن قد تكون الأخيرة! تصعيد جديد وتهديدات متزايدة على الطاولة

واشنطن تحذّر لبنان: الفرصة سانحة لكن قد تكون الأخيرة! تصعيد جديد وتهديدات متزايدة على الطاولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *