المباني الآيلة إلى السقوط: العيش تحت شبح الانهيار

كالفطر تتكاثر الأبنية و«تُشقع» طبقات جديدة فوق تلك القديمة من دون أيّ رقابة على المواصفات وشروط السلامة العامة. في 30 حزيران الماضي، انهار سقف منزل في منطقة المدينة الرياضية في بيروت، ما أدى إلى إصابة سيّدة وطفلها بجروح. مقاطع الفيديو التي نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت المبنى المتصدّع الذي يبدو على وشك الانهيار. قبل ذلك، في شباط الماضي، وثّقت عدسات الهواتف انهيار مبنى في منطقة الشويفات، ورست الحصيلة على 4 ضحايا و4 جرحى. وفي 14 تشرين الأول الماضي، انهار مبنى في منطقة المنصورية ما أسفر عن 8 ضحايا.مشروع «مار أنطونيوس» السكني في منطقة كفرشيما واحد من تلك المباني الكثيرة التي «ينتظر» سكانها انهيارها عليهم. منذ نحو 20 عاماً، أدت التشقّقات إلى ما يشبه فصلاً لأجزاء المبنى عن بعضها البعض. بعد الزلزال الذي ضرب تركيا في شباط 2022، زادت التصدّعات في المبنى المؤلف من 12 شقة والذي يعود تاريخ بنائه إلى ما قبل عام 1975، وبعد الكشف عليه تبيّن ضرورة بناء حائط دعم. بعد بدء الحفر وقع خلاف بين المهندسين ناهيك بخلافات السكان حول تكاليف الترميم والتدعيم… توقفت عملية التدعيم، فيما تزداد الشقوق يوماً بعد آخر.

عام 2013، نفّذت «شبكة سلامة المباني» مسحاً شمل معظم المناطق اللبنانية أظهر أن نحو 16,250 مبنى يحتاج إلى ترميم، من بينها 10,460 في بيروت الكبرى و4000 في طرابلس وصيدا وزحلة ونحو 1240 في جبل لبنان منها 600 في برج حمود والشياح، ونحو 760 في قرى البقاع والجنوب والشمال. وكان تاريخ بناء معظم هذه المباني عام 2013، وبعضها يعود إلى أكثر من 40 عاماً، إضافة إلى ما لحق بها من مخالفات بناء وأضرار الحرب.
رئيس «شبكة سلامة المباني» يوسف فوزي عزام أكد أن الأمور زادت سوءاً منذ عام 2013 رغم عدم إجراء إحصاء دقيق منذ ذلك التاريخ، لافتاً إلى «فوضى مهولة في أحزمة البؤس في ضاحيتَي بيروت الجنوبية والشمالية». وأشار إلى أن هناك «شوارع بأكملها في برج حمود والنبعة وحي السلم والأوزاعي وغيرها تضم مئات المباني غير المرخصة وغير المسجّلة، وهي ليست حتى موجودة على الخرائط». والأمر نفسه ينطبق على عشرات المناطق في مختلف المحافظات التي تشهد نموّاً هستيرياً لكتل الباطون والإسمنت.

غير أن رئيس لجنة التخطيط والأشغال في مجلس بلدية بيروت المهندس محمد سعيد فتحة أكد لـ «الأخبار» أنه «ليست كل هذه المباني آيلة إلى السقوط وبعضها بحاجة إلى الترميم فقط». وأضاف أنه «بعد انفجار 4 آب 2020، ووفقاً للإحصاءات التي أجرتها البلدية بالتعاون مع نقابة المهندسين والجيش اللبناني الذي يملك الداتا الكاملة لأعداد المباني، رُمّم الجزء الأكبر منها».

رغم ذلك، فإن عدم وجود مسح شامل ودقيق لواقع الأبنية وعدم مبادرة الأجهزة المعنية والبلديات واتحادات البلديات إلى تحديد درجة مخاطر كل بناء ومدى سلامته يفاقم الكارثة. وفي هذا السياق يعزو فتحة غياب المسح الدوري لأسباب تتعلق بغياب الكادر الوظيفي في البلدية ونقص الأعداد، وحجز الأموال في البنوك، مؤكداً وجود «تنسيق بين بلدية بيروت والهيئة العليا للإغاثة لوضع خطط يتم تطويرها باستمرار لإخلاء السكان في حال الإبلاغ عن خطر يداهم أحد المباني».

في طرابلس، «زرع» زلزال شباط 2022 آلاف «القنابل الموقوتة» على شكل مبانٍ قد تنهار في أي لحظة. فتحت عنوان «لسنا بأمان هنا… الحكومة تخذل سكان المباني الآيلة إلى السقوط في طرابلس»، صدر عن منظمة العفو الدولية في 3 نيسان 2023 تقرير كشف أنه «بعد مرور عام على الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط 2023، لا يزال الناس في طرابلس يعيشون في منازل معرضة لخطر الانهيار، رغم إعلان الحكومة حالة الطوارئ». وأشار إلى أن سكّان هذه البيوت «تواصلوا مع السلطات المحلية لطلب الدعم، فلم يتلقّوا سوى إنذارات بالإخلاء». وأكدت المنظمة أنها أجرت مسحاً أظهر أن الآلاف في المدينة يعيشون في أبنية غير آمنة، تشكل خطراً على حقهم في سكن لائق وحقهم في الحياة». ولفتت إلى أنه بعد الزلزال، أعلنت الحكومة أنها «ستجري تقييماً للمباني المعرضة للخطر وتسعى إلى تقديم 320 دولاراً كبدل إيواء يغطي إيجار سكن بديل لمدة ثلاثة أشهر للأشخاص الذين يحتاجون مساكن أخرى. وبعد مرور سنة، أبلغ 13 شخصاً يعيشون في 13 مبنى معرضاً للخطر في طرابلس أنهم لم يتسلّموا سوى إنذارات بالإخلاء. وفي عام 2022، أجرت بلدية طرابلس مسحاً ميدانياً وحددت 236 مبنى مهدداً في طرابلس وحدها، من ضمنها 139 مبنى من الإسمنت و97 مبنى تراثياً.

رئيس بلدية طرابلس رياض يمق قال لـ «الأخبار» إن السلطات المعنية تجاهلت طلبات البلدية وسكان المباني المهددة، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 500 مبنى في طرابلس مهدداً بالانهيار ولا سيما المباني التراثية». واستدرك بأن المسؤولية لا تقع على الدولة والبلدية فقط، بل إن السكان يُسهمون أيضاً في مفاقمة الأزمة عبر أحزمة البؤس وبناء مساكن غير شرعية وغير مطابقة للمواصفات أو عبر التعدي على الأساسات وتحميلها أكثر من طاقتها مايشكل خطراً كبيرا على حياة القاطنين فيها».

أزمة بلا حل
تنص المادة 18 من قانون البناء على أنه «على المالكين أن يحافظوا على نظافة واجهات أبنيتهم وأجزائها الأخرى وعليهم عند الاقتضاء أن يقوموا بدهنها أو توريقها أو طرشها أو ترميمها، وإذا تمنّعوا يحق للإدارة بعد إخطارهم أن تقوم بالعمل المذكور على نفقتهم. وعندما يكون بناء أو جدران أو خلافه ينذر بالانهيار ويشكل بقاؤه خطراً ما، ولا يبادر المالك إلى القيام بواجباته إما لأنه لا يستطيع إجراء أعمال التقوية اللازمة أو لأنه يمتنع عن ذلك، يقتضي هدمه في مهلة لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد عن الشهرين. ويمكن للبلدية المعنية إخلاء البناء من شاغليه». في هذه النقطة يصر رئيس لجنة التخطيط والأشغال في مجلس بلدية بيروت المهندس محمد سعيد فتحة على أن «البلدية تقوم بإنذار المالك في حال تم الإبلاغ عن أي خطر ولكنها غير مسؤولة عن الترميم مطلقاً لأنها مسؤولية تقع على عاتق صاحب العقار»، وتابع «في حال تعذّر إبلاغ المالك، أو تمنّعه عن تسلّم إنذار الهدم يجب تنظيم محضر من قبل موظفي البلدية أو المختار حيث لا يوجد بلدية، وفي هذه الحالة تلصق نسخة عن إنذار الهدم على البناء المطلوب ونسخة أخرى على باب مركز البلدية أو على باب مركز المحافظة أو القائمقامية خارج النطاق البلدي». أما رئيس بلدية طرابلس رياض يمق فشدّد على أن «البلدية كسائر بلديات لبنان تعاني من ظروف مالية ولوجستية صعبة جداً، وعلى الدولة اللبنانية أن تجد حلّاً مع من يرفضون الترميم بحجة عدم امتلاكهم الأموال الكافية».

كنز بقيمة 10 مليارات دولار
لفت رئيس «شبكة سلامة المباني» يوسف فوزي عزام إلى أن الدولة اللبنانية تملك مئات المباني والمنشآت المهملة التي تكلّفت على بنائها مليارات الدولارات، رغم أن الأزمة الاقتصادية والمالية تحتّم استثمار هذه المنشآت التي يمكن أن تدرّ عائدات ضخمة على الخزينة. وأوضح عزام أن «بين أيدي الدولة اللبنانية كنزاً بقيمة 10 مليارات دولار من الأبنية المهملة وغير المستثمرة، وبعضها مهدّد بالانهيار».

المصدر: مالك دغمان – الأخبار

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت!

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان: جدول جديد يظهر زيادة ملحوظة في أسعار البنزين والمازوت! شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *