لا موازنة، لا استجرار، لا ناقورة ولا صندوق!

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”:

البلد يغلي بملفات واستحقاقات خطرة. ولكن، كل هذا الغبار سينجلي على اللاشيء. فالقرار الذي اتخذته القوى النافذة هو: كسب الوقت، لا أكثر ولا أقل. فأينما كان، هناك تنازلات مطلوبة منها، وهي ليست مستعدة لتقديمها، ولا تجد نفسها مضطرة إلى ذلك.

هناك 4 «لاءات» تخفيها المنظومة، وتتحكَّم بخياراتها في هذه المرحلة، وتتدرج كالآتي:

1- لا للموازنة. ففي أي شكل، لن تمرِّر قوى السلطة أرقام الزيادات الهستيرية في الرسوم، وتالياً الضرائب، فيما رواتب اللبنانيين لا تكفيهم لتغطية الحاجات الأساسية من غذاء ودواء وسكن ونقل وتعليم، وفيما ودائعهم تتوزَّع بين منهوب ومحجوز، ووفق تقارير المؤسسات الدولية، ارتفعت نسبة الذين هم تحت خطّ الفقر إلى الثلثين.

في هذه المناخات، هناك قرار اتخذته المنظومة بتأجيل إقرار الموازنة إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقرَّرة في أيار، لأنّها تدرك حجم النقمة الشعبية الذي ستتسبّب به. فهي لن تُقدِّم إلى خصومها وقوى المعارضة هديَّة مجانية تستغلها شعبياً إلى أقصى الحدود، وفي لحظة سياسية حسّاسة وتتعرَّض فيها لأقصى الضغوط، بدعمٍ إقليمي ودولي.

ولكن، من زاوية أخرى، المنظومة مضطرة إلى إقرار الموازنة لتحصل على المال الذي تحتاجه من صندوق النقد الدولي، ولكي يفتح لها الصندوق أبواب الدعم من الخارج. ولذلك، ستوحي بأنّها «على وشك» إنجاز الموازنة، أو هي ستقرّها في مجلس الوزراء وتترك مسألة الإقرار تشريعياً للمجلس النيابي المقبل. وستحاول إقناع الصندوق بأن يقدِّم المساعدة على هذا الأساس. وهنا تصبح الـ«لا» الثانية تلقائية.

2- لا اتفاق مع صندوق النقد الدولي في المدى المنظور. فالصندوق ليس «مكتب سمسرات» لبناني تمرُّ فيه الأمور «بالواسطة» وتطييب الخواطر، أو تُمارَس عليه «البَهْوَرات» لتمرير المعاملة. وعبقرية الفساد اللبناني استطاعت أن تخرق الكثير من مؤسسات التمويل الدولية بأشكال مختلفة، لكنها لم تصل إلى حدّ فرض الاتفاقات على صندوق النقد.

والدليل هو تقرير البنك الدولي الأخير الذي اتّهم أركان المنظومة بارتكاب الفساد علناً وبشكل متعمَّد ومخطَّط له، وكذلك تقرير وكالة التصنيف العالمية «موديز» الذي جدَّد للبنان موقعه المتدنّي عند المستوى «C». وحتى اليوم، لم يتّخذ الصندوق قراراً بالانطلاق في المفاوضات مع لبنان.

وبالتأكيد، لن يفعل الصندوق ذلك قبل أن «يُذوِّق» المنظومة «زوم الزيتون». والمنظومة، من جهتها، ستناور وتماطل ولا تريد تقديم أي تنازل في اتجاه الإصلاح، واختصاصُها هو تحديداً: رسوم وضرائب وألاعيب في سعر الصرف لتذويب فجوة الفساد. وهذا أمر يدركه الصندوق جيداً. ولذلك، الاتفاق معه مؤجَّل لشهور أخرى، على الأرجح.

3- لا اتفاق في الناقورة. ففي الأسابيع الأولى من العام 2022، أوحت المناخات بأنّ الوسيط الأميركي عاموس هوكستاين حصل من الجانب اللبناني على وعد بتسهيل التوصّل إلى مخارج معينة، وتحديداً إلى فكّ التشابك ما بين المسألة الجغرافية أي الحدود والمسألة الاقتصادية أي الغاز، بحيث يأخذ الأميركيون على عاتقهم إطلاق مسار الاستخراج من الآبار المختلف عليها، ولاحقاً يوزِّعون المردود بين لبنان وإسرائيل، وفقاً لاتفاقٍ على نِسب معينة.

لكن تأجيل زيارة الموفد الأميركي مراراً يعني أنّ الجانب اللبناني لم يوافق على الطرح الأميركي حتى الآن، على رغم استعجال الإسرائيليين إنجاز اتفاق مع لبنان يمنحهم هامش الانطلاق كمنصّة للطاقة بين مصر والأردن والخليج من جهة وأوروبا من جهة ثانية. ومردّ ذلك هو أنّ إيران لن تقدّم أي تنازل في لبنان، إلّا ضمن رؤيتها الشاملة للتسويات الإقليمية.

4- لا استجرار للغاز والكهرباء. فالضوء الأخضر الأميركي لاستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن مرتبط مباشرة باستراتيجية الطاقة التي يديرها الأميركيون في الشرق الأوسط، والتي تشكّل إسرائيل نواة لها.

فعندما أبدى الأميركيون مقداراً عالياً من الحماسة لإشراك لبنان في شبكة الربط الإقليمية، متجاوزين اعتبارات «قانون قيصر» على دمشق، كانوا يدفعونه إلى حضن منظومة الطاقة الإقليمية. وفي تقديرهم أنّ اتفاق تقاسُم الطاقة في الناقورة (بمعزل عن الاتفاق الحدودي) سيشكّل جزءاً من هذه الشراكة الإقليمية.

ويعتقد البعض، أنّ الأميركيين ربما يسهِّلون استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان، بمعزل عمّا إذا كان المتفاوضان سيتوصلان إلى اتفاق في الناقورة. بل إنّ هناك وجهة نظر تقول: على العكس، فلينزلق لبنان إلى شبكة الربط مع الأردن ومصر، برعاية أميركية، وهذا الأمر سيمنح الأميركيين رصيداً لإقناعه بالانخراط في اتفاق تقاسم الغاز مع إسرائيل.

ولذلك، ليس واضحاً إذا كان الأميركيون سيستخدمون ملف الاستجرار للضغط على لبنان، أو لترغيبه، أي إذا كانوا سيعطّلون خطوط الإمداد في محاولة لتمرير اتفاق التقاسم في الناقورة، أو أنّهم سيسهّلون المشروع لإغراء لبنان وجذبه إلى التسهيل في الناقورة.

لكن مشكلة لبنان في الاستجرار تتجاوز الاعتبارات السياسية. فهو لم يؤمّن كلفتها حتى الآن، ولم يتمكن من تحديد هذه الكلفة أساساً، وفق ما أظهرت النقاشات في الموازنة. وسلفة الخزينة التي طلبها وزير الطاقة، والتي قد لا تكفي لسدّ الثغرة في الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر والفيول من العراق سوى أشهر قليلة، ليعود إلى طلب سلفة أخرى.

ويتردّد أنّ كلفة استجرار الطاقة من الأردن ومصر و«التفويل» من العراق ستفوق المليار دولار في العام 2022. وهذا أمرٌ يرجّح تعطيل عملية الاستجرار، خصوصاً أنّ أصواتاً كثيرة ارتفعت أخيراً لتسأل: إذا كنتم ستهدرون هذه المبالغ على الاستجرار، فلماذا لا تنشئون بها معملاً أو اثنين، يوفّران مردوداً أفضل، ثابتاً، وبأسعار أدنى للمستهلك؟

إذاً، لبنان مقبلٌ على مرحلة عنوانها كسب الوقت، وتتميَّز بالمماطلة والتأجيل في كل شيء. وهي ستطول إلى حزيران على الأقل… إذا جرت الانتخابات النيابية في موعدها.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية،سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار اليوم في لبنان, Today's dollar rate in Lebanon, أسعار الدولار في السوق السوداء, Black market dollar rate in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء, Today's black market dollar exchange rate in Lebanon, سعر الدولار الرسمي في لبنان, Official dollar rate in Lebanon, توقعات سعر الدولار في لبنان, Dollar price forecast in Lebanon, سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية, Dollar to Lebanese pound exchange rate, أسعار الدولار في لبنان لحظة بلحظة, Dollar rates in Lebanon live updates, سعر الدولار المصرفي في لبنان, Bank dollar rate in Lebanon, الدولار مقابل الليرة اللبنانية السوق السوداء, Dollar to Lebanese pound black market rate, سعر الدولار الآن في لبنان, Current dollar rate in Lebanon, تحويل الدولار إلى الليرة اللبنانية, Convert dollar to Lebanese pound, تأثير سعر الدولار على الاقتصاد اللبناني, Impact of dollar rate on the Lebanese economy, سعر الدولار في الصرافين, Dollar rate at money exchangers in Lebanon, استقرار سعر الدولار في لبنان, Stability of dollar rate in Lebanon, ارتفاع سعر الدولار في لبنان, Dollar rate hike in Lebanon, سعر صرف الدولار لحظة بلحظة, Live dollar exchange rate in Lebanon, تغيير سعر صرف الدولار في لبنان, Dollar exchange rate fluctuations in Lebanon, الدولار الجمركي في لبنان, Custom dollar rate in Lebanon, السوق الموازية لسعر الدولار في لبنان, Parallel market dollar rate in Lebanon, سعر الدولار المصرفي الرسمي, Official bank dollar rate in Lebanon, شراء الدولار في لبنان, Buying dollar in Lebanon, بيع الدولار في لبنان, Selling dollar in Lebanon, تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار, Convert Lebanese pound to dollar, سعر الدولار على منصة صيرفة, Dollar rate on Sayrafa platform, توقعات السوق السوداء للدولار في لبنان, Black market dollar forecast in Lebanon, أفضل سعر للدولار في لبنان, Best dollar rate in Lebanon, أخبار سعر الدولار في لبنان, Dollar rate news in Lebanon, سعر صرف الدولار اليوم في البنوك اللبنانية, Today's dollar exchange rate in Lebanese banks, سعر الدولار مقابل اليورو في لبنان, Dollar to euro rate in Lebanon

هذا ما سجله تحديث سعر صرف الدولار ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *